للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا طلَّق الرجلُ مملوكةً تَزوَّجَها، ثمَّ طلَّقها البتَّةَ، ثمَّ اشتراها، فلا تَحِلُّ له بمِلْكِ اليمينِ باتفاقِ الأئمَّةِ الأربعةِ.

ورُوِيَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ وعطاءٍ وطاوُسٍ: جوازُ وَطْئِهِ لها؛ لعمومِ قولِه: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣].

والاستدلالُ لهذا العمومِ مستدرَكٌ؛ فالعمومُ في الآيةِ لا يَشمَلُ المَحارِمَ مِن النسبِ أو الرضاعِ.

ونكاحُ الكتابيِّ يحلِّلُ الكتابيَّةَ لزَوْجِها المسلمِ الأوَّلِ؛ لأنَّ نِكَاحَهُمْ فيما بينَهم صحيحٌ.

رجوعُ المطلَّقةِ لزوجِها الأوَّل بطلاق جديدٍ:

ولا خلافَ عند العلماءِ: أنَّ الزوْجةَ إذا صحَّ رجوعُها لِزَوْجِها الأوَّلِ: أنَّها تَرجِعُ إليه بنكاحٍ جديدٍ، وطلقاتٍ جديدةٍ ثلاثٍ كاملةٍ؛ حكى الاتِّفاقَ ابنُ المنذِرِ (١)؛ لظاهرِ الآيةِ، فاللهُ أرجَعَها، ورجوعُها يُحمَلُ على كَمالِه.

وإذا كان قد طلَّقها طلقةً أو طلقتَيْنِ، ثمَّ بانَتْ منه، ثم تزوَّجت غيرَهُ فطلَّقها، فهَل تَرجِعُ إلي زوجِها الأوَّلِ بطَلَقاتِها الماضيةِ، أو بطلاقٍ جديدٍ؟ على قولَيْنِ للفقهاءِ:

الأوَّلُ: أنَّها تَرجِعُ بما بَقِيَ مِن طلاقِها؛ وهو قولُ الجمهورِ مِن الصحابةِ؛ كعُمَرَ وعليِّ وأُبَيٍّ وعِمْرانَ وزَيْدٍ.

وقال به مالكٌ والشافعيُّ وأحمدُ.

القولُ الثاني: أنَّها تَرجِعُ بطلاقٍ جديدٍ؛ كما أنَّها رجعَتْ إليه بنكاحٍ جديدٍ؛ وهذا قولٌ مرويٌّ عنِ ابنِ عبَّاسٍ وابنِ عُمَرَ.


(١) "الأوسط" (٩/ ٢٨٢)، و"الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٥/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>