للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو قولُ أصحابِ ابنِ مسعودٍ؛ كما روي ابنُ أبي شَيْبةَ عنِ الأعمشِ عن إبرهيمَ، قال: "كان أصحابُ عبدِ اللهِ يقولونَ: أيَهْدِمُ الزوْجُ الثَّلَاثَ، ولا يَهدِمُ الواحدةَ والاثنَتَيْنِ؟ ! " (١).

وخالَفَهم عَبِيدَةُ السَّلْمانِيُّ (٢).

وللنَّخَعيِّ قولٌ غيرُ هذَيْنِ، فيفرِّقُ بين المدخولِ بها وبين غيرِ المدخولِ بها؛ فالمدخولُ بها تَرجِعُ بطلاقٍ جديدٍ، وغيرُ المدخولِ بها ترجِعُ بما بَقِي مِن طلاقِها (٣).

قولُه تعالى: {إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} تشديدٌ في أمرِ الرجعةِ بعد الزوجِ الثاني؛ فقد قيَّدها بالظنِّ بالإصلاحِ، وإقامةِ أمرِ اللهِ؛ وفي ذلك إشارةٌ إلى ضعفِ احتمالِ صلاحِ بقاءِ الزوجَيْنِ بعدَ الثلاثِ.

وهذا تشديدٌ مِن اللهِ؛ حتَّى لا يتكرَّرَ العدوانُ والظلمُ، وبيانٌ منه أنَّ مثلَ هذه الحدودِ والأحكامِ لا يُدرِكُها إلَّا عالمٌ بصيرٌ، وربَّما استَثْقَلَها جاهلٌ، وتعدَّاها فاسقٌ.

* * *

قال تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٣١].

كان بعضُ الرجالِ في الجاهليَّةِ يطلِّقونَ النساءَ، حتَّى إذا قارَبَتِ


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٨٣٨٨) (٤/ ١١٣).
(٢) ينظر: "مصنف ابن أبي شيبة" (١٨٣٩٠) (٤/ ١١٣).
(٣) ينظر: "مصنف ابن أبي شيبة" (١٨٣٩٤) (٤/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>