الفئة الأُولى: فئة مُحارِبة مُفاصِلةٌ في أصلِها، ليس لها عَهْدٌ قائمٌ ولا عهدٌ منقوضٌ، وإنَّما مُحارِبة بنَفْسِها أو مُعِينةٌ لعدوِّ المُسلِمينَ عليهم، فهذه جعَلَ النبيُّ ﷺ عهدَها أربعةَ أشهُرِ أَجَلًا تتدبَّرُ فيه أمْرَها، فتَتَّبِعُ الحقَّ؛ وإلا اتَّبَعَها المُسلِمونَ بالقتالِ.
والفئةُ الثانيةُ: فئة ليس بينَها وبينَ النبيِّ ﷺ شيءٌ؛ لا عهدٌ ولا نقضٌ، ولا قتلُ ولا سلْمٌ، تارِكةَ ومَتروكةٌ، وإنَّما جاءَها البلاغُ فأعرَضَت؛ فهؤلاءِ جعَلَ لهم الأجَلَ خَمْسِينَ يومًا؛ كما قال ابنُ عبَّاسِ:"حَدَّ اللهُ لِمَنْ ليس له عهدٌ انسِلاخَ الأشهُرِ الحُرُمِ مِن يومِ النَّحْرِ إلى انسلاخِ المُحَرَّمِ خَمْسِينَ ليلةً"؛ رواهُ ابنُ جَريرِ والطَّحاويُّ (١).
وذلك عِشرونَ مِن ذي الحِجَّة، وهو يومُ الَبَرَاءَة، وشهرُ المُحرَّمِ كاملًا، وهو انسلاخُ الأشْهُرِ الحرُمِ؛ وهذا لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ٥].
والفة الثالثةُ: فئةٌ مُوادِعةٌ مُهادِنةٌ؛ وهم طائفتانِ: