للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع عدمِ الغفلةِ عمَّا بَطَنَ مِن الشرورِ؛ حتَّى لا يُؤتى المُسلِمونَ على عِزَّةٍ، ودفعُ الشرِّ الظاهرِ كافٍ في إضعافِ النقاقِ بطريقِ اللزومِ.

وأمَّا تركُ دفعِ الشَّرَّيْنِ جميعًا، فليس ذلك مِن السياسة، بل مِن تعطيلِ الحقِّ والتمكينِ للباطلِ.

* * *

قال تعالى: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (٢) وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣) إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٤)[التوبة: ١ - ٤].

أمَرَ النبيُّ أصحابَهُ بالجَهْرِ بهذه الآياتِ قبلَ حَجَّتِهِ بعامٍ في مَوْسِم الحجِّ، فَيْصَلًا بينَ المؤمِنينَ والكافِرِينَ في كل مَوْسِمِ قابِل، فكان أبو بكرٍ وعلي وأبو هُرَيْرةَ وغيرهم يَطوفُونَ على الناسِ في الحج فيَتلونَ عليهم هذه الآياتِ؛ ففي "الصحيحَينِ"، عن أبي هُرَيرةَ؛ أن أبَا بَكرٍ بَعَثَهُ في الحَجةِ الَّتِي أمرَهُ رسُولُ اللهِ علَيهَا قَبْلَ حجَّةِ الوَدَاع، فِي رهْطِ يُؤذِّنُونَ فِي النَّاسِ: أَلا يَحُجَّن بَعْدَ العَامِ مُشرِك، وَلَا يَطوفَ بِالْبَيتِ عُرْيَان (١).

وكان أبو هريرةَ يَقولُ: "فَأذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ فِي أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النحرِ بِبَرَاءَةَ" (٢).


(١) أخرجه البخاري (٤٦٥٧)، ومسلم (١٣٤٧).
(٢) أخرجه البخاري (٤٦٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>