للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه: أن الأصلَ مِن فِعلِهِ الوضوءُ لكل صلاةٍ، وهو مُستحَب وسُنة، لا واجبٌ وفريضةٌ.

وقد كان الصحابةُ منهم مَن يتوضَّأ لكل صلاة؛ كالخلفاءِ وابنِ عمرَ وغيرِهم، ومنهم مَن لا يتوضأ إلا إذا أحدَثَ؛ كجابرِ بنِ عبد اللهِ وغيرِه.

وقد روى ابنُ سِيرِينَ؛ قال: "كَانَتِ الخُلَفَاءُ تَوَضَّأ لِكُل صَلَاة" (١).

وكما يشرَع الوضوء لكل صلاة، فتُشرَعُ الصلاةُ عندَ كل وضوءٍ؛ فإن الطهارةَ والصلاةَ مُتلازِمتانِ.

استحبابُ الطُّهْرِ الدائمِ:

وقد كان النبيُّ يحبُّ أن يكونَ على طهر دائم؛ لأنه على ذِكرٍ دائمٍ، ولا يحِب أن يذكُرَ اللهَ إلا وهو على طهارة؛ ففي "المسنَدِ"، وأبي داودَ؛ مِن حديثِ المُهَاجِرِ بنِ قنفذ؛ أنه سلم على النبيِّ وهو يَبول، فلم يَرُدَّ عليه حتى توضَّأ، ثم قال: (إني كَرِهتُ أن أذْكُرَ اللهَ ﷿ إِلا عَلَى طُهْرٍ - أو قَالَ: عَلَى طَهَارة) (٢)، وفي البخاري ومسلم؛ مِن حديثِ أبي الجُهيم؛ قال: أقبَلَ رَسُول اللهِ مِن نَحوِ بئر جَمَلٍ، فَلَقِيَهُ رَجُل فَسَلَّمَ عَلَيه، فَلَم يَرُدَّ رَسُولُ اللهِ عَلَيه، حَتَّى أَقبلَ عَلَى الجدَارِ فَمَسَحَ وَجهَه وَيَدَيه، ثم رَد (٣).

أعضاء الوضوءِ:

ولا يجب مِن مواضعِ الوضوءِ إلا ما جاء في الآية، وهو الذي اجتمَعَت على وصفِهِ الأحاديثُ، واختلَفَت وتبايَنَتْ في غيرِه، فكلُّها يذكرُ


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٠٢) (١/ ٣٥).
(٢) أخرجه أحمد (١٩٠٣٤) (٤/ ٣٤٥)، وأبو داود (١٧) (١/ ٥).
(٣) أخرجه البخاري (٣٣٧) (١/ ٧٥)، ومسلم (٣٦٩) (١/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>