وإذا توافَرَ السلاحُ القاتلُ، وجُهِلَ القصدُ، وتُيُقِّنَتِ العداوةُ، كان قتلَ عمدٍ؛ فالعِبْرةُ هنا بالسلاح، وإذا كان السلاحُ غيرَ قاتلٍ، ولكنْ توافَرَ قصدُ القتل، كان قتلَ عمدٍ؛ فالعِبْرةُ هنا بالقصد، وهما أمرانِ إنِ اجتَمَعَا فهو قتلُ عمدٍ بلا خلافٍ، وإنْ توافَرَ أحدُهما دونَ الآخَر، فيُنظَرُ للقصدِ معَ أدنى سببٍ يُمكِنُ به القتلُ، ولو كان بإطعامِه طعامًا مباحًا يُعلَمُ أنَّه لو أكلَهُ مريضٌ ماتَ فأطعَمَهُ بقصدِ قتلِه، فهو قتلُ عمدٍ يُقتَلُ به؛ كمَن يُطعِمُ مريضَ السُّكَّرِ السكرَ وهو يَعلَمُ أنَّه يموتُ بمِثْلِ هذا النوعِ مِنَ الطعام، ومِثْلِ هذا المقدارِ؛ فهنا وإن كان السببُ مباحًا لكنَّه في هذا الشخصِ وهذه الحالةِ محرَّمٌ.
فمع قصدِ القتلِ تُلتمَسُ أدنى الأسباب، ومع السلاحِ القاتلِ يُلتمَسُ أدنى القصد، ولأنَّه لا يُحمَلُ السلاحُ القاتِلُ عادةً إلا للقتلِ.
ومَن قَتَلَ بغيرِ سببٍ قاتِلِ؛ كمَن رمَى حصىً مِثلَ حَصَى الخَذفِ؛ فإنَّ مِثلَهُ لا يَقتُلُ؛ ففي الحديثِ؛ (إِنَّهُ لَا يُصْطَادُ بِهِ الصَّيْدُ، وَلَا يُنْكَأُ بِهِ الْعَدُوُّ، وَلَكِنَّهُ يَكْسِرُ السِّنَّ، وَيَفْقَأُ الْعَيْنَ)(١)؛ فمَن مات به، فهو قتل خطأ.
أنواعُ القتلِ:
والقتلُ على أنواعٍ ثلاثةٍ:
النوعُ الأولُ: قتلُ الخطأِ؛ وقد تقدَّمَ في الآيةِ السابقةِ.
النوعُ الثاني: قتلُ العمد، وقد تقدَّمَ ذِكرُ وصفِهِ والقرائنِ الدالَّةِ عليه.
النوعُ الثالثُ: قتلُ شِبْهِ العمد، وهو ما توافَرَ فيه العداوةُ، وانْتَفَى