سورةُ يوسُفَ مكيَّةٌ، ونزَلَتْ تثبيتًا للنبيِّ ﷺ ومَن آمَنَ معه مِن أصحابِه؛ لِشِدَّةِ ما وقَعَ ليُوسُفَ مِن ابتلاءٍ، فلم يقَعْ لنبيٍّ مِن أنبياءِ اللهِ ابتلاءٌ قبلَ مبعثِهِ كما وقَعَ ليُوسُفَ ﵇، فيوسُفُ نبيٌّ مُرسَلٌ، ونبوَّتُهُ جاءتْهُ وهو صغيرٌ قبلَ بلوغِهِ كما هي في عيسى، وقد ذكَرَ اللهُ رسالةَ يوسُفَ في سورةِ غافرٍ؛ كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا﴾ [٣٤]، وقد دعا إلى توحيدِ اللهِ في سِجْنِهِ من كان معه، وكذلك لمَّا مَكنَّهُ اللهُ بعدَ ذلك.
وقد قال اللهُ في أوَّلِ هذه السورةِ: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾ [يوسف: ٣]؛ يعني: قَصَصَ القرآن، وأخَصُّها قصةُ يوسُفَ؛ لأنَّه لا يُوجَدُ في القرآنِ قصةٌ تُوازِيها طُولًا، ولا أكثَرُ عِبْرةً وعِظةً منها.