للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبا هريرةَ: هل صلَّيْتَ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ الخوفِ؟ قال: نعَمْ، قال: متى؟ قال: عامَ غزوةِ نَجْدٍ (١).

وذاتُ الرِّقاعِ غزوةُ نَجدٍ.

ويعضُدُهُ: ما في "صحيحِ البخاري"، مِن حديثِ حابرٍ؛ أن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بأصحابِهِ في الخوفِ في غزوةِ السابعة، غزوةِ ذاتِ الرِّقَاعِ (٢).

ومِنهم: مَن حمَلَ العدَدَ في قولِه: "السابعةِ" على الغزوة، ومِنهم: مَن حمَلَه على محذوفٍ وهو السنةُ السابعةُ، وعلى كِلا الحَمْلَيْنِ يدلُّ هذا على تأخُّرِ غزوةِ ذاتِ الرِّقاع، وتقدُّمِ غزوةِ الخندقِ.

ولو كانتِ الخندقُ متقدِّمةً، ما كان ذلك مُسقِطًا للاحتجاجِ بصلاةِ الخوفِ؛ لإجماعِ الصحابةِ والتابعينَ عليها، وهم أعلَمُ بحالِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وناسخِ فِعلِهِ ومنسوخِه.

وأمَّا تأخيرُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لصلاةِ العصرِ حتَّى غروبِ الشمسِ في الخندَقِ، فيُنظَرُ تخريجُهُ، ولا يُجعَلُ مُعارِضًا لمَا استفاضَ واشتَهَرَ مِن عمَلِهِ وعملِ أصحابِه، وقد فرَّقَ بعضُ الفقهاءِ بين حالِ المُسايَفةِ والمُواجَهةِ والانشغالِ التامِّ بالعدوِّ وبينَ غيرِها؛ ففي المُسايَفةِ لا يُمكِنُ لأَحَدٍ أن يُصَلِّيَ، فيُؤخِّرَ الصَّلاةَ إلى حينِ أَمْنِهِ ولو بعدَ وقتِها، وأمَّا في غيرِ المُواجَهةِ، فتكونُ صلاةُ الخوفِ حسَبَ القدرةِ فردًا أو جماعةً، راكبًا أو راجلًا.

اختلافُ الرواياتِ في ركعاتِ صلاةِ الخوفِ:

وقد جاءَتْ في صلاةِ الخوفِ أحاديثُ جميعُها صحيحةٌ، وكلُّ الصُّوَرِ الواردةِ المرفوعةِ مشروعةٌ؛ وذلك لأنَّ غَزَواتِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تعدَّدَتْ، وصَلَواتِهِ فيها


(١) أخرجه أحمد (٨٢٦٠) (٢/ ٣٢٠)، وأبو داود (١٢٤٠) (٢/ ١٤)، والنسائي (١٥٤٣) (٣/ ١٧٣).
(٢) أخرجه البخاري (٤١٢٥) (٥/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>