عن اللَّغْوِ، وأداءِ الزكاةِ، وحِفْظِ الفُرُوجِ، ومراعاةِ الأمانةِ والعهدِ.
معنى الخشوعِ:
والخشوعُ هو السكونُ والذُّلُّ عندَ أوامرِ اللَّهِ وكلامِهِ هَيْبةً ورَهْبةً وتعظيمًا؛ كما قال تعالى في حالِ الظالِمِينَ: ﴿وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ﴾ [الشورى: ٤٥]، ومِن ذلك سُمِّيَتِ الأرضُ خاشعةً: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾ [فصلت: ٣٩]، فحركةُ الجسم تُنافي خشوعَهُ، ومِثْلُها الحركةُ في الصلاةِ، فخشوعُ الشيءِ ثباتُهُ وسكونُهُ مع انكسارِهِ؛ كقولِه: ﴿خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ﴾ [القلم: ٤٣، والمعارج: ٤٤].
وبينَ الصلاةِ والخشوعِ تلازُمٌ، فلا تكتمِلُ الصلاةُ إلَّا بخشوعٍ، ولا يكتمِلُ الخشوعُ إلَّا مع الصلاةِ؛ كما قال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ [البقرة: ٤٥]؛ يعني: أنَّ الصلاةَ ثقيلةٌ وكبيرةٌ على مَنْ لم يَخْشَعْ فيها.
وممَّا يُعِينُ العبدَ على الخشوعِ كثرةُ ذِكْرِ اللَّهِ، وقراءةُ القرآنِ بتدبُّرٍ وتأمُّلٍ؛ كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾ [الحديد: ١٦]، وبيَّنَ أنَّ قسوةَ القلبِ بسببِ قراءتِه بلا تدبُّرٍ: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)﴾ [محمد: ٢٤]، وكذلك فإنَّ الذِّكرَ كلَّه والسجودَ مع حضورِ القلبِ يَزيدُ في الخشوعِ ويُقوِّيهِ، كما قال تعالى: ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (١٠٩)﴾ [الإسراء: ١٠٩].
وقدَّمَ اللَّهُ الخشوعَ في سورةِ (المؤمِنونَ) على الحِفَاظِ على الصلاةِ، مع أنَّه لا يَخشَعُ في صلاتِهِ إلَّا مَن حافَظَ عليها؛ لأنَّ الخشوعَ هو المقصودُ مِن الصلاةِ، وليس حركةَ البَدَنِ بقيامٍ وركوعٍ وسجودٍ مجرَّدٍ.