للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحوال مجالِسِ المعاصي:

ومَن جالَسَ قومًا في مجلِسٍ يُستهزَأُ فيه بالله وآيانِه ودينِه، فعلى حالينِ:

الأُولى: إنْ كان راضيًا بقولِهِمْ في باطِنه، وعلامةُ ذلك مُشاركتُهُمْ في الضَّحِكِ والانبساطِ على ما يقولونَ؛ فحُكْمُهُ كحُكْمِهم؛ كما في قولِه: ﴿إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ﴾.

الثانية: إنْ كان غيرَ راضٍ لكلامِهِمْ ولا ضاحكٍ ولا منبَسطٍ لقولِهم، فيأخُذ إثمَ السكوتِ عن المُنكَر، والسكوتُ عنِ المنكَرِ بمقدارِه، وأعظَمُ السكوتِ السكوتُ على الكفرِ.

وإنما ذكَرَ اللَّهُ المنافِقِينَ والكافِرِينَ في الآيةِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (١٤٠)﴾؛ لأنَّ المُتكلِّمَ بالكفرِ كافرٌ، وجَلِيسَهُ الذي لم يُنكِرُ ولم يَقُمْ، وهو قادرٌ: منافِقٌ؛ فإن كان راضيًا ضاحِكًا، كان نِفاقُهُ أكبَرَ، وكَفَرَ باطنًا كالكافِر، وحُشِرَ معَه، ولكنَّ الجلوسَ المجرَّدَ معَ المستهزيء لا يُوجِبُ الكفرَ الظاهِرَ ولا الحَدَّ؛ وإنَّما يَلحَقُ الكفرُ والحَدُّ المتكلِّمَ وحدَهُ.

* * *

قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (١٤٢)[النساء: ١٤٢].

فيه: فَرْضِيَّةُ القيام إلى الصلاةِ عندَ وجوبِها، وقد وصَفَ اللهُ المُتكاسِلَ عن الصلاةِ والمَتأخِّرَ عنها بالنِّفاق، فتدُلُّ على ذمِّ فاعلِ ذلك ولو أدَّاها.

<<  <  ج: ص:  >  >>