فرضٍ ولا نَفْلٍ، ولا بينَ ما تداخَلَ وتقارَبَ وتتابَعَ مِن الصلوات، فهذا لا شك أنه اعتداءٌ.
فالمراد مِن وضوءِ النبي ﷺ لكلِّ صلاة يعني المكتوبات، وليس المراد: أنه يتوضأ لسُنةِ الفجرِ وضوءًا ولفريضتِها وضوءا، ولراتبةِ الفرائضِ القبليَّةِ والبَعديةِ وضوءا غيرَها، ولا لسُنَّةِ دخولِ المسجدِ وضوءًا غيرَ الفريضة، ولا لكل صلاةِ مِن قيامِ الليل، فالمراد مِن فعلِ النبي ﷺ هو الوضوءُ لكل فريضةٍ مكتوبةٍ ولكل سنَّة مقصودةٍ بعينِها؛ فمَن قصَدَ قيامَ الليل، توضَّأ لها كلها ولو صلَّى عشرينَ ركعة، وكذلك مَن وصَلَ قيامَ الليلِ بصلاةِ العشاء، فالسنةُ أنْ يتوضأ مرة؛ لأنها صارت في حُكمِ الصلاةِ الواحدةِ باعتبارِ الوضوءِ لها، والوضوءُ لكلِّ واحدة منها اعتداء.
ولعل هذا ما قصَدَهُ ابنُ المُسيَّب، وهو الأليقُ بفقهِه، وقد يقولُ الصحابي أو التابعي قولا على صورةِ معيَّنة، فيُنقَلُ على العمومِ في الروايةِ وفي مدوناتِ الفِقه، فيُوضعُ في غَيْرِ بابِه، وربما عُدَّ مِن شذوذاتِه وغَرَائبه.