للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيَرى تقديرَها اعتبارًا بكفارةِ اليمينِ؛ حيثُ قُدِّرَ الرزقُ فيها، ولم تُقدَّرِ الكِسْوةُ، وعلى مذهبِ الشافعيةِ يرَوْنَ على الزوجِ رزقًا واجبًا وهو مدينٌ ككفارةِ اليمينِ، وهذا قد يُقالُ به لو لم يكُنْ في البابِ حديثُ هندَ بنتِ عتبةَ، وحديثُ هندَ أصرَحُ وأوضَحُ.

* * *

* قال تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النساء: ٦].

أمَرَ اللهُ الأولياءَ والأوصياءَ بامتحانِ اليتيمِ قبلَ دفعِ مالِهِ إليه؛ أي: اختبارِهِ لمعرفةِ بلوغِهِ النكاحَ، وسلامةِ عقلِه، وصحةِ رُشْدِه، والمرادُ ببلوغِ النكاحِ هو سنُّ التزويجِ عادةً ممَّا يُعرَفُ به مَيْلُ الرجلِ إلى المرأةِ، وله علاماتُهُ المعروفةُ.

علاماتُ البلوغِ:

وعلاماتُ البلوغِ ودلالتُهُ في السُّنَّةِ بلوغُ سنِّ الخامسةَ عَشْرةَ؛ لما في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديتِ نافعٍ، عن ابنِ عمرَ؛ قال: "إنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَرَضَني يَوْمَ أُحُدٍ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزنِي، ثُمَّ عَرَضَنِي يَوْمَ الخَنْدَقِ وَأنَا ابْنُ خَمْسَ عَشرَةَ سَنَةً، فَأَجَازَنِي"، قَالَ نَافِعٌ: "فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ، فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الحَدِيثَ، فَقَالَ: إنَّ هَذَا لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِمَن بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ" (١).


(١) أخرجه البخاري (٢٦٦٤) (٣/ ١٧٧)، ومسلم (١٨٦٨) (٣/ ١٤٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>