للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الرحمن]

سورةُ الرحمنِ سورةٌ مكيَّةٌ، كما قالهُ ابنُ عبَّاسٍ وعائشةُ وابنُ الزُّبَيْرِ وجماعةٌ، وهو قولُ الأكثرِ (١)، وسورةُ الرحمنِ نزَلَتْ في تعظيمِ اللَّهِ وذِكْرِ آياتِهِ ومخلوقاتِهِ، وبيانِ عِظَمِ شرائعِه مِن الأمر بالعدلِ والتحذيرِ مِن الظُّلْمِ والبغي، وتذكيرِ الإنسانِ بأصلِهِ وضَعْفِه، وعمومِ ربوبيَّةِ اللَّهِ وحقِّه في العبادةِ، وبيانِ الفرقِ بين الحياةِ الدُّنيا الفانيةِ والآخِرةِ الباقيةِ، وما في الجنةِ مِن نعيمِ، وما في النارِ مِن عذابٍ أليمٍ.

* * *

* قال اللَّهُ تعالى: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (٧) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (٨) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَان} [الرحمن: ٧ - ٩].

أمَر اللَّهُ بالعدلِ، وحذَّر مِن الظُّلْمِ ولو كان قليلًا، وقد وضَعَ اللَّهُ الميزانَ عندَما خلَقَ السماءَ؛ لبيانِ أنَّه بالعدلِ قامتِ السمواتُ والأرضُ، فليس العدلُ ولا الميزانُ جديدًا، بل مأمورٌ به فِطْرةً قبلَ نزولِ الشرائعِ السماويَّةِ.

وقد تقدَّم بيانُ ما وقَع فيه قومُ شُعَيْبٍ مِن أكلِ أموالِ الناسِ بالباطلِ عندَ قولِهِ تعالى: {فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ


(١) ينظر: "تفسير القرطبي" (٢٠/ ١١١)، و"الدر المنثور" (١٤/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>