وصَف اللَّهُ نساءَ الجنةِ وحُورَهُنَّ أنَّهُنَّ يَقصُرْنَ نَظَرَهُنَّ على أزواجِهِنَّ، مع أنَّ داعيَ الشرِّ والفتنةِ في نفوسِهِنَّ ونفوسِ غيرِهِنَّ لا وجودَ له في الجنةِ، وفي ذلك مزيدُ إكرامٍ لأزواجِهِنَّ، وهذا مِن تمامِ النعيمِ المعنويِّ.
* * *
وقولُهُ تعالى: ﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ﴾ الطَّمْثُ: هو الجِمَاعُ، ونفيُ الشيءِ دليلٌ على إمكانِ وقوعِه، وليس المرادُ نفيَ المُحَالِ؛ وذلك أنَّ الجنَّ والإنسَ يُجامِعونَ، ومِن هذا أخَذَ بعضُهُمْ إمكانَ زواجِ الإنسِ مِن الجِنِّ، والعكسِ، وليس في الوحي شئٌ صريحٌ يثبُتُ به، وقد صنَّفَ بعضُ الحنفيَّةِ الدِّمَشقِيِّينَ المتأخِّرينَ كتابًا في ذلك، وقد جوَّز وقوعَ ذلك وحدوثَهُ غيرُ واحدٍ كابنِ تيميَّةَ، وكلُّ ما يَحكِيهِ الناسُ مِن وجودِ الولدِ بينَ الإنسِ والجنِّ، فممَّا لا طريقَ للتثبُّتِ منه.