للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحَيْضُ هو الذي يَقذِفُ ما في الرَّحِمِ وينقِّيهِ، ويحصُلُ المقصودُ بنهايةِ الحَيْضِ، لا بنهايةِ الطُّهْرِ؛ فإنَّ الاستبراءَ لا يُحتاجُ معه إلى نهايةِ الطُّهْرِ، بل نهايةِ الحَيْضِ، وبِدايةُ الطُّهْرِ كافيةٌ في ذلك.

وللشافعيِّ قولٌ ذكَرَهُ القرطبيُّ (١)، وذكَرَه أيضًا الغزاليُّ (٢) قَولًا لبعضِ فقهاء الشافعيَّة: أنَّ القرء هو الانتقالُ مِن الطُّهْرِ إلى الحَيْضِ، وليس الانتقالَ مِن الحَيْضِ إلى الطُّهْرِ؛ لأنَّ الحَيضَ ليس زمَنًا مشروعًا للطلاقِ فلا يَنزِلُ عليه لفظُ القرءِ هنا، مع دخولِهِ في عمومِ اللُّغَةِ؛ لأنَّه وقتٌ كغيرِهِ، وهو قولٌ حَسَنٌ لو كان له سَلَفٌ.

المقصدُ مِن عدَّةِ المطلَّقةِ:

والمقصدُ الشرعيُّ الأكبرُ - وهو الاستبراءُ - يحصُلُ بجميعِ هذه الأقوالِ الثلاثةِ، وما عداهُ مِن المقاصدِ - كإنظارِ الزَّوجَيْنِ أن يتفكَّرَا في الرجعةِ ويتصالَحَا، ويَذهَبَ ما بالنفوسِ - فهو مُدَّةٌ تحصُلُ بأدنى الأقوالِ زمنًا مع النفوسِ المعتدِلةِ، واللهُ أعلمُ.

عدةُ الأمَةِ المطلَّقةِ:

ولا خلافَ عندَ العلماءِ: أنَّ الحُرَّةَ المطلَّقةَ الحائضَ المدخولَ بها: تعتدُّ ثلاثةَ قروءٍ؛ للآيةِ.

وقدِ اختلَفَ العلماءُ في عِدَّةِ الأَمَةِ على قولَيْنِ:

القولُ الأوَّلُ: أنَّ عِدَّتَها أقلُّ مِن عِدَّةِ الحُرَّةِ، وهي قُرْءَانِ؛ لأنَّ القُرْءَ لا يُنصَّفُ، ولأنَّ الأمَةَ في الحدودِ على النِّصْفِ مِن الحُرَّةِ.

وهذا القولُ هو قولُ عُمَرَ وجمهورِ العلماءِ مِن بَعْدِه؛ روى سعيدُ بنُ منصورٍ عنه، قال: "لوِ استَطَعْتُ أنْ أجعَلَ عِدَّةَ الأمَةِ حَيْضةً ونِصْفًا، لفَعَلْتُ" (٣).


(١) "تفسير القرطبي" (٤/ ٣٨).
(٢) "الوسيط في المذهب" (٦/ ١١٨).
(٣) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (١٢٧٠) (١/ ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>