للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاستحبابُ بالتعجيلِ لا خلافَ فيه، والأصلُ: البراءةُ مِن الإثمِ، فإذا رُخِّصَ له بالفِطْرِ في رمضانَ، ووُسِّعَ له في ذلك، فإنَّ الشارعَ أَولى بأن يرخِّصَ له ويوسِّعَ في القضاءِ؛ فإنَّ رمضانَ محدَّدٌ بأيامٍ، ومَن ألزَمَ قبلَ رمضانَ الآتي، حدَّدَ القضاءَ بأيَّامٍ معلومةٍ، وهذا يفتقِرُ إلى دليلٍ خاصٍّ.

واتَّفَقَ العلماءُ على أنَّ المريضَ والمسافِرَ لا يَقْضِيانِ ولا يُطْعِمانِ؛ إذا لم يكُنْ قضاؤُهما بعدَ رمضانَ الآتي، وإذا كان بعدَ الآتي ولكن كان المرَضُ مستمِرًّا أو السَّفَرُ متَّصِلًا، فيجبُ القضاءُ بلا إطعامٍ.

وقولُه تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾:

رُوِيَ عن ابنِ عبَّاسٍ؛ أنَّه كان يَقرؤُها: "وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ" (١)، والقراءةُ الأُولى متواتِرةٌ، وهي الأشهرُ.

مراحلُ تشريعِ صومِ رمضان:

كان صيامُ رمضانَ في ابتداءِ الأمرِ على التخييرِ؛ فمَنْ شاءَ صامَ، ومن شاءَ أفطَرَ وأطعَمَ؛ جاء هذا في حديثِ ابنِ أبي ليلى، عن مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ (٢).

ونسَخَ اللهُ تعالى التخييرَ بالآيةِ التاليةِ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة: ١٨٥]؛ روى البخاريُّ ومسلمٌ، عن يَزِيدَ مَوْلى سَلَمةَ بنِ الأَكْوَعِ، عن سَلَمةَ بنِ الأَكْوَعِ؛ أنَّه قال: "كنَّا في عهدِ رسولِ اللهِ مَنْ شاءَ صام، ومَنْ شاءَ أفطَرَ وافتَدَى بطعامِ مِسْكِينٍ، حتَّى أُنزِلَتْ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥] " (٣).

ورُوِيَ هذا عن عَلقمةَ وعطاءٍ وعِكْرِمةَ والحسَنِ والشَّعْبيِّ والزُّهْريِّ وغيرِهم.


(١) أخرجه البخاري (٤٥٠٥) (٦/ ٢٥).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري (٤٥٠٧) (٦/ ٢٥)، ومسلم (١١٤٥) (٢/ ٨٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>