للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمنهم مَن قال: بالجوازِ.

ومنهم مَن قال: بالمنعِ؛ لدخولِ الزيادةِ في الثمنِ على الأجَلِ؛ للشُّبْهةِ فيه مِن رِبا الجاهليَّةِ.

وفي هذه المسألةِ كلامٌ طويلٌ، ليس هذا مَوْضِعَهُ.

وهذا بخلافِ ما لو عرَضَ السلعةَ بقيمةٍ واحدةٍ آجِلةً وعاجلةً؛ فهذا جائزٌ عندَ الجميع.

الزيادةُ في الدُّيُونِ:

وأمَّا الديونُ: فمَنْ أقرَضَ أحدًا مالًا، فليس له أنْ يأخُذَ على القرضِ زيادةً عندَ العقدِ ولا بعدَهُ لأَجْلِ الزيادةِ في الأَجَلِ أو لغيرِه؛ فكلُّ قرضٍ جَرَّ نفعًا فهو رِبًا, ولو كان رُبُعَ درهمٍ، أو كان مِن غيرِ جنسِ الدَّيْنِ؛ كمَنْ يُقرِضُ دَرَاهِمَ ويطلُبُ الدراهمَ وفوقَها شاةً أو أرضًا أو ثمرًا؛ فهذا ربًا بالاتِّفاقِ.

وقولُه تعالى: ﴿لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ نهيٌ واصفٌ للحالِ التي كان عليها أهلُ الجاهليَّة، وفيه إشارةٌ إلى أنَّ الرِّبا يَعْظُمُ إثمًا بمقدارِ المضاعَفةِ في أَخْذِهِ؛ فالضِّعفانِ أعظَمُ مِن الضِّعْف، وكلَّما زادَ التضعيفُ، زادَ التأثيمُ، وليس في الآيةِ إشارةٌ إلى تهوينِ الرِّبَا في غيرِ الضِّعْف، فضلًا عن جوازِه فيما دونَ ذلك، وقد رُوِيَ في الخبرِ أنَّ درهمَ الرِّبا أعظمُ مِن الزِّنى، وله طرقٌ مرفوعًا وموقوفًا ومقطوعًا، وإنْ كانت ضعيفةً؛ فإنَّ معناهُ صحيحٌ، وليس هذا تهوينًا للزِّنى؛ بل هو تعظيمٌ للرِّبا.

وقد تقدَّمَ الكلامُ حولَ الرِّبا وشيءٍ مِن أحكامِه في سورةِ البقرةِ عندَ آياتِ الرِّبا.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>