للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلوغُ جيشِ المُسلِمينَ اثنَيْ عَشَرَ ألفًا:

وظاهرُ الآيةِ بقاءُ الحُكمِ في كلِّ عَدَدٍ مِن المُسلِمينَ كثيرًا أو قليلًا؛ أنه لا يجبُ عليهم الثباتُ إلَّا على الضَّعْفِ وما دونَهُ، وأمَّا حديثُ ابنِ عبَّاسٍ قال: قال رسولُ اللهِ : (خَيْرُ الصَّحَابَةِ أرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعْ مِئَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ) (١)، فهذا الحديثُ رواهُ أحمدُ وأبو داودَ والتَّرمذيُّ؛ مِن حديثِ جريرٍ، عن يونُسَ بنِ يزيدَ، عن الزُّهْريِّ، عن عُبيدِ اللهِ بنِ عبد اللهِ بنِ عُتْبةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ، به.

وأكَثَرُ الرُّواةِ مِن أصحابِ الزُّهْريِّ يُرسِلونَهُ عنه، عن النبيِّ بلا واسطةٍ؛ كمَعْمَرٍ وعُقَيْلٍ، وصوَّبَ الإرسالَ عامَّةُ النُّقَّادِ كالتَّرْمِذيِّ وأبي داودَ وأبي حاتمٍ، وقال أبو حاتمٍ: "مُرسَل أشبَهُ، لا يَحتمِلُ هذا الكلامُ أنْ يكونَ كلامَ النبيِّ " (٢).

ولا فرقَ بينَ الاثنَيْ عشَرَ ألفًا وما دونَها وما أكثَرَ منها؛ لعمومِ الآية، وضَعْفِ الحديثِ.

اعتبارُ تقارُبِ السلاحِ عندَ المُواجَهةِ:

والآيةُ في اعتبارِ العَدَدِ جرَتْ مَجْرَى الغالبِ مِن أحوالِ الناسِ؛ أنَّهم في كلَّ زمنٍ يَستعمِلونَ سلاحًا واحدًا، فكلُّ زمنٍ يَستعمِلُ الناسُ سلاحًا واحدًا؛ فأهلُ كلَّ زمنٍ يَتقاتَلونَ بسلاحٍ واحدٍ؛ ففي زمنِ السِّهامِ والنِّبالِ والرِّماحِ وركوبِ الدوابِّ فهم يَتقاتَلونَ بذلك، وفي زمنِ المَنْجنِيقِ يَتقاتَلونَ به، وفي زمانِ الرصاصِ والقذائفِ والمَدافعِ فهم يَتقاتَلونَ به،


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٩٤)، وأبو داود (٢٦١١)، والترمذي (١٥٥٥).
(٢) "علل الحديث" لابن أبي حاتم (٣/ ٤٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>