للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي طالبٍ؛ فقد صحَّ عنه قولُهُ: "يَقْرَأُ الإِمَامُ وَمَن خَلْفَهُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، وَفِي الْأُخرَيَيْنِ بفَاتِحَةِ الْكِتَابِ"؛ رواهُ عنه كاتبُهُ عبيدُ اللهِ بن أبي رافعٍ، عندَ ابنِ أبي شَيْبَةَ (١).

وتخصيصُهُ للقراءةِ في الظهرِ والعصرِ دليلٌ على أنَّ الجَهْريَّةَ على خلافِها، فيَقرَأُ الإمامْ ولا يَقرَأُ مَن خَلْفَهُ.

وظاهِرُ قولِ أحمدَ: أنَّ السلفَ عامَّةً على هذا، وقد أنكرَ على مَنْ قال له: "قراءة الفاتحة خلف الإمام مخصوصٌ من قوله: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ﴾؛ قال أحمد: عمّن يقولُ هذا؟ ! أجمَعَ الناسُ أنَّ هذه الآية في الصلاةِ" (٢).

وكان إبراهيمُ الحربيُّ يقولُ عن أحمد: إمَّا ألفَ مرَّة إنْ لم أقُلْ، فقد سمعتُهُ يقرأُ فيما خافَتَ، ويُنصِتُ فيما جَهَرَ (٣).

القراءةُ خَلْفَ الإمامِ في السريَّة:

وهناك مَن يَستدلُّ على القراءةِ خلفَ الإمامِ في الجهريَّةِ ببعضِ المُجمَلاتِ مِن الأحاديثِ والآثارِ في القراءةِ خلفَ الإمام، ويَغْفُلُونَ عن أنَّ القراءةَ خلفَ الإمام منها سِرِّيَّةٌ ومنها جَهْريَّةٌ، وأنَّ القولَ بعدمِ القراءةِ خلفَ الإمامِ في السِّرِّيَّةِ قولٌ قديمٌ، والخلافُ فيه معروفٌ عندَ السلف، وليس الخلافُ فيه مقصورًا على الجهريَّة، والخلافُ في السرِّيَّةِ على قولَيْنِ عندَ السلفِ والفقهاءِ:

الأوَّلُ: أنه لا يُقرَأُ فيها، وقد صحَّ عن بعضِ الصحابةِ عدمُ القراءةِ


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٧٢٦).
(٢) "مسائل أبي داود" (٤٨).
(٣) "طبقات الحنابلة" (١/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>