للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلفَ الإمام في سِرِّيَّةٍ ولا جَهْريَّةٍ؛ كزيدِ بنِ ثابتٍ؛ فقد روى عنه ابن ثَوْبانَ قولَهُ: "لَا يُقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَام إِنْ جَهَرَ، وَلَا إِنْ خَافتَ" (١)، ومِن التابعينَ سُوَيْدُ بن غَفَلَةَ، وعطاءُ بن أبي رباحٍ، وسعيدُ بن جُبيرٍ.

وهذا قولُ أبي حنيفةَ.

القولُ الثاني: أنه يُقرَأُ في السِّرِّيَّة، وقد صحَّ عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ ذلك كما تقدَّمَ، وثبَتَ هذا عن ابنِ عمرَ؛ فقد روى سالمٌ عنه؛ أنه خصَّصَ الإنصاتَ بما بَحهَرُ له الإمامُ (٢).

ومِن ذلك الإجمالِ الذي يَستدِلُّ به بعضُهُمْ على أنَّ الصحابةَ كانوا يَقرَؤُونَ خلفَ الإمامِ في الجهريَّةِ: ما يَرويهِ ابنُ أبي شَيبةَ، عن حُصَيْنٍ؛ قال: "صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ عُبَيدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَام، قَالَ: فَلَقِيتُ مُجَاهِدًا، فَذَكَرتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ مُجَاهِدٌ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ" (٣).

وليس في هذا ذِكْرٌ للجهرِ والإسرار، والصحيحُ: أنَّها صلاةٌ سرِّيَّةٌ؛ كما رواهُ مجاهدٌ عه مِن وجهٍ آخَرَ أنَّها صلاةُ الظهرِ (٤).

ومِن ذلك: ما في مسلمٍ، عن أبي هربرةَ؛ أنه قال في القراءةِ خلفَ الإمامِ: "اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ" (٥)؛ وهذا عامٌّ يَستدِلُّ به البعضُ على الجهريَّة، وفيه نظرٌ؛ فقد ثبَتَ عن أبي هريرةَ قولُه: "اقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا يُخَافِتُ بِهِ"؛ رواهُ ابن المُنذِرِ (٦)، وليس هذا مِن اختلافِ القولِ


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٧٨٧).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٢٨١١).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٧٥٠).
(٤) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ١٦٩).
(٥) أخرجه مسلم (٣٩٥).
(٦) أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (٣/ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>