للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الأحزاب]

سورة الأحزابِ مدَنيَّةٌ (١)، ويَظهرُ ذلك في دَلَالةِ آياتِها على الأحكامِ والتشريعاتِ وأحكامِ النِّساءِ في الطلاقِ والعِدَدِ والمِيرَاثِ والحِجَابِ، وما تضمَّنتْهُ مِن أحكامِ النَّسَبِ، وخِطابِ أمَّهاتِ المؤمنينَ، وبعضِ أحكامِ بيتِ النبوَّةِ.

وفي سورةِ الأحزابِ نزَلَ حَدُّ الرجمِ للزَّاني المُحْصَنِ، وأحكامٌ كثيرةٌ تُعادِلُ أو تُقارِبُ سورةَ البقرةِ، ثمَّ نُسِخَ منها ما نُسِخَ لفظًا وحكمًا، وما نُسِخَ لفظًا وأُبقِىَ حُكْمًا كحدِّ الرجمِ؛ كما روى أحمدُ؛ مِن حديثِ زِرٍّ؛ قال: "قَالَ لِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: كَأَيِّنْ تَقْرَأُ سُورَةَ الأَحْزَابِ؟ أَوْ كَأَيِّنْ تَعُدُّهَا؟ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ آيَةً، فَقَالَ: قَطُّ! لَقَدْ رَأَيْتُهَا وَإِنَّهَا لَتُعادِلُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَلَقَد قَرَأْنَا فِيهَا: الشَّيْخُ وَالشَّيْخَهُ إِذَا زَنَيَا، فَارْجُمُوهُمَا البَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (٢).

* * *

* قال تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: ٤ - ٥].

يزعُمُ المشرِكونَ أنَّهم يَفْهَمونَ ما لم يَفهَمْه النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنَّ للواحدِ


(١) "تفسير القرطبي" (١٧/ ٤٨).
(٢) أخرجه أحمد (٥/ ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>