وتحكيمُ حكمِ الله واجبٌ مؤكَّدٌ على أمَّةِ محمدٍ ﷺ، بل له أثرٌ على إيمانِهم قوةً وضعفًا، وصحةً وبطلانًا؛ قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥]؛ ففرَضَ اللهُ عليهم التسليمَ والرِّضا؛ فكيف بأصلِ التحاكمِ ووجوبِه؟ !
المفسدةُ الثانيةُ: تعطيلُ التحاكمِ إلى الشريعةِ:
وإذا لم يُقِمِ الحاكمُ الحُكْمَ، فتلك مفسدةٌ أعظمُ مِن عدمِ تحاكُمِ بعضِ الناسِ إلى حكمِ اللهِ؛ لأنَّ تحكيمَ غيرِ حكمِ اللهِ مفسدتُهُ عامَّةٌ على الناسِ كلِّهم، وأمَّا عدم تحاكمِ فردٍ أو جماعةٍ إلى حكمِ اللهِ، فتلك مفسدةٌ خاصةٌ بهم.
وإذا غلَبَ وجودُ منكَرٍ، والحاكمُ يَغلِبُ على الظنِّ أنَّه لا يحكُمُ بحكمِ اللهِ، فالمشهورُ عن أحمدَ: عدمُ رفعِه إليه، والاكتفاءُ بزَجْرِ صاحِبِ المنكَرِ وإخافَتِه.
وإذا كان الحاكمُ يعاقِبُ صاحبَ المنكَرِ عقابًا دونَ عقابِ الشرعِ، وليس أكثرَ منه، فلا يَتجاوَزُ ويَظلِمُهُ -: فالأظهرُ جوازُ رفعِ المنكرِ إليه؛ تقليلًا للشرِّ على الناسِ، مع عدمِ الرِّضا بالحكمِ الذي يخالِفُ حكمَ اللهِ.
وإذا تعذَّرَ على الناسِ إقامةُ حكمِ اللهِ بواسطةِ الحاكمِ، فهل لهم أنْ يُقِيمُوا حكمَ اللهِ فيما بينَهم دونَ الرجوعِ إليه؟ :
الذي يظهرُ أنَّ هذا على حالَيْنِ:
الحالُ الأُولى: إذا كان هذا لا يُفضِي إلى مفسدةٍ عامَّةٍ؛ مِن تَدَاعٍ إلى أخذِ الثأرِ مِن الناسِ جاهِلِهم وعالِمِهم، بالحقِّ والباطلِ، ويُجعَلُ