للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمِّي عن أُمِّها، وأُمُّها ذَاتُ مَالٍ كثيرٍ، فقال أبي: هل لك في أُمِّها؟ قال: فسألتُ ابن عبَّاسٍ وأخبرتُهُ الخبر، فقال: انكحْ أُمَّها، قال: فسألتُ ابن عُمر، فقال: لا تَنكِحْها، فأخبرتُ أبي ما قال ابن عبَّاسٍ، وما قال ابن عُمر، فكتب إلى مُعاوية، وأخبرهُ في كتابه بما قال ابن عُمر وابن عبَّاسٍ، فكتب مُعاويةُ: إنِّي لا أُحِلُّ مَا حَرَّم الله، ولا أُحَرِّم ما أَحَلَّ الله، وأنت وذاك، والنِّساء كثيرٌ، ولم يَنْهني، ولم يأْذَن لي، وانصرف أبي عن أُمِّها، فلم ينكِحْها" (١).

وقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}: قيَّد اللهُ تحريم الرّبائب - وهنَّ بناتُ الأزواج - بالدخول بأمَّهاتهنَّ، فإذا دُخل بأمَّهاتهنَّ، حُرِّمت البناتُ.

الجمع بين الأمِّ وبنتها:

والجمع بين الأمِّ وبنتها أعظم حُرْمةً من الجمع بين المرأة وعمّتها أو خالتها، وأعظم من الجمع بين الأختين؛ لأنَّ الحقَّ بين الأمِّ وبنتها أعظم من حقوق غيرهنَّ من ذوي الأرحام فيما بينهنَّ، والجمع بين الأمِّ وبنتها داعٍ للقطيعة والفتنة.

[حكم ابنة الطليقة]

وإذا طلَّق الرجل المرأة، وكانت ابنتها في حَجْره، حَرُمَتْ عليه إلى الأبد بلا خلافٍ، وتحرُمُ عليه كذلك لو كانت في غير حَجْره؛ كأن تكون في حَجْر أبيها بعد طلاق أمِّها، أو كانت في حَجْر عمِّها أو خالها أو غيرهم من ذوي رحمها، وعلى هذا عامَّة السلف، وحُكي اتِّفاقُ الفقهاء عليه؛ خلافًا لداود الظاهريّ، وحُكى في هذا خلافٌ عن عليٍّ في التفريق


(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٠٨١٩) (٦/ ٢٧٥) , وابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٦٢٦٩) (٣/ ٤٨٤)، وابن المنذر في "تفسيره" (٢/ ٦٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>