للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتَّقاضي فيَستوي فيه الأطرافُ؛ وهذا شبيهٌ بقولِه تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف: ٢٥]، قال: سيِّدَها، ولم يقلْ: سيِّدَ مصرَ؛ لأنَّ السِّياقَ سياقُ خصومةٍ ونِزاعٍ، وهو وزوجتُهُ طرَفٌ فيه، فلا ينبعي حضورُهُ فيه باسمِ عزيزِ مصرَ وسيِّدِها؛ حتى يتمَّ العدلُ فلا يُبخَسَ حقُّ الأضعَفِ.

طاعةُ المرأةِ لزوجِها وخِدْمَتُهَا له وعنايتُها بوَلَدِهِ:

في هذا جريانُ عُرْفِ البشرِ على خِدْمةِ المرأةِ لزوجِها وقيامِها بشأنِ بيتِها ورعايةِ عيالِه، لقد وكَلَ مَن اشترَى يوسُفَ رعايتَهُ وإكرامَهُ لامرأتِه، ولم يَكِلْهُ إلى عبدِهِ ومَوْلَاتِه، أو خادمِهِ أو وزيرِه.

وأمَّا طاعةُ المرأةِ لزوجِها في بيتِه، فمنه: ما هو محلُّ اتِّفاقٍ على وجوبِه، ومنه: ما هو محلُّ اتِّفاقٍ على عدمِ وجوبِه، ومه: ما هو محلُّ خلافٍ:

أمَّا الطاعةُ الواجبةُ بلا خلافٍ: فما يَملِكُهُ منها، وهو بُضْعُها، فلو دعَاها إلى فِرَاشِه، حَرُمَ عليها الامتناعُ عن ذلك، وفي "الصحيحَينِ"، عن أبي هريرةَ؛ قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا المَلَاِئكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ) (١).

وكلُّ أمرٍ يتَّصلُ بذلك، فيجبُ عليها طاعتُهُ فيه؛ كالامتناع عمَّا يَحُولُ بينَهُ وبينَ قضاءِ وطَرِهِ ووطَرِها؛ مِن أكلٍ يَكْرَهُ رائحتَه، أوَ لِبَاسٍ يُزهِّدُهُ فيها ويُنفِّرُهُ منها، وتركِ سفرٍ أو خروجٍ مباحٍ تَغِيبُ به عنه فيحتاجُ إليها ولا يَجِدُها.

وأمَّا خروجُها مِن منزلِها، فلا يُختلَفُ في أنَّ السُّنَّةَ استئذانُ المرأةِ مِن زَوْجِها لخروجِها ولو إلى بيتِ أبوَيْها؛ ومِن ذلك قولُ عائشةَ؛ كما في


(١) أخرجه البخاري (٣٢٣٧)، ومسلم (١٤٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>