أيْ: نكاحُ الأَمَةِ الرقيقةِ المؤمِنةِ خيرٌ وأَحَبُّ إلى اللهِ مِن الزواجِ مِن حُرَّةٍ مشرِكةٍ، فالعربُ تأنَفُ مِن الزواجِ مِن الإماءِ، وإنَّما كانت تتَسَرَّى بِهِنَّ، والرجالُ يَنْكِحُونَ المرأةَ لنَسَبِها وحَسَبِها وجمالِها، وهذا ما أشارَ اللهُ إليه في قولِه: ﴿وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾، فهم يُعجَبُونَ بذلك منهنَّ، وقد أثْبَتَهُ اللهُ مُقِرًّا لوجودِهِ في النفوسِ والفِطَرِ، ومانعًا مِن تقديمِهِ على حُكْمِ اللهِ وقضائِه؛ لأنَّ حقَّ اللهِ - وهو توحيدُهُ - أَوْلى بالتقديمِ مِن حظِّ النفسِ وحقِّها؛ فمَن يقدِّمْ حَظَّ نفسِهِ على حظِّ غيرِهِ ممَّن له حقٌّ عليه، فهذا علامةٌ على ضعفِ تعظيمِهِ لصاحِب الحقِّ عليه، فالابنُ لا يُحِبُّ مَن آذَى والدَهُ وسَبَّهُ ولَعَنَهُ ولو أحَسَنَ إليه وَأكرَمَهُ، فكُرْهُهُ له وعدَمُ محبَّتِهِ له لأنَّه ظالِمٌ لوالدِه؛ وذلك لِعِظَمِ حقِّ الوالدِ على ابنِه، وربَّما أَحَبَّ الإنسانُ مَنْ أحسَنَ إليه إذا كان يُسِيءُ للأَبْعَدِينَ منه؛ لضَعْفِ حقِّ الأبعدِينَ عليه.
خالَفَ في الخِطَابِ، ففي نكاحِ المشرِكاتِ وجَّهَ الخِطَابَ للأزواجِ؛ لأنَّهم يَملِكونَ أمرَ أنفسِهم وعِصْمَتَهم، وأمَّا في إنكاحِ المشرِكينَ فوَجَّهَ الخطابَ للرجالِ الأولياءِ؛ فقال: ﴿وَلَا تُنْكِحُوا﴾، ولم يقلْ: تَنْكِحْنَ؛ لأنَّ الوَلِيَّ هو الذي يزوِّجُ، وليستِ المرأةُ تزوِّجُ نفسَها.
الوليُّ في النكاح:
وهذا دليلٌ على أنَّ النكاحَ المشروعَ لا يكونُ إلا بوَلِيٍّ، وهذا ظاهِرُ القرآنِ؛ عندَ الكلامِ على تزويجِ النساءِ يقولُ: ﴿فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾