للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى القولَينِ: فالآيةُ تتضمَّن نهيًا عن الإضرارِ بالوصيَّةِ والجورِ فيها بالإجماعِ؛ كمَن يَحْرِمُ بعضَ الورثة، أو مَن يخُصُّ بعضَ الورثةِ؛ فلا وصيَّةَ لوارثٍ، أو مَن يُوصي بأكثَرَ مِن الثلُث، أو يُوصِي بأقلَّ مِن ذلك ولكنَّ على الورثةِ الضررَ بالوصيَّةِ؛ لكثرتِهم أو لفَقرِهم، أو مَن يُوصِي بحَرَامٍ.

وروى عِكْرِمةُ، عن ابنِ عبَّاسٍ، موقوفًا ومرفوعًا؛ (الإضرارُ في الوصيَّةِ مِن الكبائرِ) (١).

والموقوفُ أصحُّ (٢).

ورُوِيَ عن أبي هريرةَ؛ قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْخَيْرِ سَبْعِينَ سَنَةً، فَإِذَا أَوْصَى، حَافَ فِي وَصِيَّتِه، فَيُخْتَمُ لَهُ بِشَرِّ عَمَلِه، فَيَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الشَّرِّ سَبْعِينَ سَنَةً، فَيَعْدِلُ فِي وَصِيَّتِه، فَيُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرِ عَمَلِه، فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ) (٣).

الوصيَّةُ للوارثِ:

والوصيَّةُ للوارثِ غيرُ جائزةٍ على الصحيحِ؛ لما جاءَ في "المسنَدِ"، و"السُّننِ"، قال - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّ اللهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ؛ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ" (٤).

وهذا قولُ الأئمَّةِ الأَربعة، خلافًا للشافعيِّ في الجديدِ.

وإنْ أَوْصَى أحدٌ لوارثٍ، فأجَازَها الورثةُ بعدَ موتِ المُوَرِّث، صحَّتْ إجازتُهم لها على الصحيحِ؛ ففي الحديثِ: (لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ، إِلَّا


(١) "تفسير ابن المنذر" (٢/ ٥٩٨)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٨٨٨).
(٢) "تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ٩٣٣).
(٣) أخرجه أحمد (٧٧٤٢) (٢/ ٢٧٨)، وابن ماجه (٢٧٠٤) (٢/ ٩٠٢).
(٤) أخرجه أحمد (٢٢٢٩٤) (٥/ ٢٦٧)، وأبو داود (٢٨٧٠) (٣/ ١١٤)، والترمذي (٢١٢٠) (٤/ ٤٣٣)، وابن ماجه (٢٧١٣) (٢/ ٩٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>