له جاهَهُ وسُلطانَه، ومَن حَفِظَ جاهَهُ بالإسلام، ضيَّعَ اللهُ عليه جاهَه، وأبدَلَ الإسلامَ به غيرَه.
مساواةُ الناسِ في البلاغِ:
وينبغي عدمُ تخصيصِ الكُبَرَاءِ والرُّفَعاءِ بالجلوسِ إليهم مجلسًا يُمنَعُ منه الضُّعَفاءُ والفقراءُ ولا يُدْعَوْنَ إليه، لقد نَهى اللهُ نبيَّه عن ذلك، وأتباعُهُ مِن العلماءِ مِن بابِ أَوْلى؛ لأنَّ ذلك يَزيدُ الكُبراءَ كِبْرًا، وَيَزيدُ الضُّعَفاءَ وَضْعًا وكَسْرًا، واللهُ جاء بالدِّينِ وشَبَّهَهُ بالغَيْثِ تَستوِي الأوديةُ والشِّعابُ ورؤوسُ الجِبالِ في نزولِهِ عليها.
بذلُ السلامِ مِن المدخولِ عليه:
وفي الآيةِ: سلامُ المدخولِ عليه، وهو النبيُّ ﷺ، على الداخِل، وهم المؤمنونَ، وقد تقدَّمَ في سورةِ النِّساءِ الكلامُ على حُكْمِ التحيَّةِ وردَّها وصِيَغِها، عندَ قولِه تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَو رُدُّوهَا﴾ [النساء: ٨٦].
والأصلُ: أنَّ الداخلَ يسلِّمُ على المدخولِ عليه؛ لقولِهِ تعالى: ﴿لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [النور: ٢٧]، وآيةُ البابِ جاءتْ بفضلِ مُبادَرةِ المدخولِ عليه بالسلامِ على الداخِل، ويكونُ الداخلُ أحَقَّ بالسلامِ عليه إذا كان له حقٌّ وله حاجةٌ عندَ المدخولِ عليه، ومِن هذا النوعِ: سلامُ ملائكةِ الجنَّةِ على المؤمنينَ الداخِلينَ إليها؛ قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ [الزمر: ٧٣].
وإنَّما كانتِ المُبادَرةُ بسلامِ المدخولِ عليه على الداخلِ تحيةً تتضمَّنُ بيانًا لحقِّه وحفظًا له، وقد كان بعضُ السلفِ يُبادِرُ بالسلامِ على