رهَّبَ اللهُ بكتابِهِ، ورغَّب وخَصَّ بذلك مَن يُؤمِنُ باللهِ وغَيْبِهِ، وجزائِهِ وثوابِهِ وعِقَابِه؛ لأنَّه لا يخافُ اللهَ إلَّا مَن عرَفَهُ، وفي الآيةِ تنبيهٌ إلى أنَّه مَن لم يَخَفْ مِن مواعظِ اللهِ، فهذا أَمَارةٌ على ضَعفِ إيمانِهِ باللهِ وبلِقَائِه.
الزكاءُ والطهارةُ بالتزويجِ:
ثُمَّ بيَّنَ أنَّه يأمُرُ عبادَهُ بما فيه زَكَاؤُهُم؛ فقولُه:{أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ} شاملٌ للزوجَيْنِ وللأولياءِ وللناسِ عامَّةً، وكلَّما قَرُبَ الإنسانُ مِن الخطابِ واختَصَّ به، شَمِلَهُ المعنى؛ فهو أزكى للزوجَيْنِ مِن أن يُفْتَنا، وأطهَرُ لهما مِنْ أنْ يقَعَا في حرامٍ حالَ خلوِّهِما مِن نكاحٍ حلالٍ، وأطهَرُ لوليِّها أنْ يتسبَّبَ في إثمِهِما، وأطهَرُ لغيرِهِما مِن الناسِ أنْ تُفتَنَ المرأةُ برجلٍ أجنبيٍّ، أو يُفتَنَ الرجلُ بامرأةٍ أجنبيَّةٍ عنه؛ ففي الامتناعِ عنِ النكاحِ المشروعِ ذريعةٌ للممنوعِ، واللهُ لم يفتَحْ بابًا مِن الحلالِ إلَّا ليُغلِقَ أبوابًا مِن الحرامِ، وإذا وقَعَ الناسُ في حرامٍ، فلأنَّ الحلالَ سدَّ أو ضُيِّقَ.
وهذا نظيرُ ما يُروى عنه - صلى الله عليه وسلم -: (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ، فَزَوِّجُوهُ؛ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ)(١)،