للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى هذا يُقبَلُ منه عمَلُهُ حالَ الرِّدَّةِ وهو مشرِكٌ مما يُخلِصُهُ للهِ، ولا يُقبَلُ عمَلُه حالَ إسلامِهِ قلَ الرِّدَّةِ؛ وهذا بعيدٌ.

أحوالُ أهلِ الميزانِ في الآخرة:

ولا يُحبِطُ العملَ كلَّه إلَّا الشِّرْكُ باللهِ، والكافرُ ليس له كِفَّةٌ في المِيزَانِ إلَّا واحدةٌ، وأهلُ الميزانِ على ثلاثِ أحوالٍ:

الحالةُ الأُولى: مَن يُوزَنُ له عمَلُهُ بكِفَّتَيْنِ، كِفَّةِ الحسَنَاتِ، وكِفَّةِ السيِّئاتِ؛ وهُم عمومُ أهلِ الإيمانِ؛ لأنَّه لا يخلُو أحدٌ مِن ذنبٍ، إلَّا ما شاءَ اللهُ.

ووَزْنُهم لِيَعْرِفُوا هم ما لهم وما عليهم، وتقومَ عليهمُ الحُجَّةُ، فلا يُجادِلوا ربَّهم؛ فاللهُ جعَلَ عَلَى العبادِ رقيبًا وعتيدًا يُحصِي عليهم أعمالَهُمْ؛ لِيَرَوْها ويَذكُروها إذا نَسُوها، فاللهُ لا يُحصي لِيَعلَمَ ما لم يكنْ يعلمُهُ، بل يُحصي لِيَعلَمَ العبادُ، وتُقطَعَ الحُجَجُ عنهم؛ فجعَلَ عليهم شهودًا مِن الملائكةِ ومِن الناسِ ومِن أنفُسِهم.

الحالةُ الثَّانيةُ: مَنْ لا يُوزَنُ له إلَّا عمَلُهُ السيِّئُ، وهم المشرِكونَ؛ لأنَّه لا يَبقى مِن عمَلِهِمُ الصالحِ في الدنيا شيءٌ؛ لأنَّهم أحبَطُوهُ بالشِّرْكِ، وعُجِّلَ لهم الجزاءُ به في الدنيا: ﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا﴾ [الأحقاف: ٢٠].

وتُوزَنُ سيِّئاتُهم؛ لأنَّ الكفرَ يَتبايَنُ كما يَتبابَنُ الإيمانُ؛ يَزِيدُ وينقُصُ؛ قال تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾ [التوبة: ٣٧]، فالكُفْرُ يَزِيدُ وينقُصُ كما يزيدُ الإيمانُ وينقُصُ، ولكنَّ الكفرَ الأكبرَ يخلِّدُ صاحبَهُ في النَّارِ، ويُعذَّبُ الكفَّارُ بحسَبِ كُفْرِهم، كما ينعَّمُ المؤمِنونَ بحسَبِ إيمانِهم.

الحالةُ الثَّالثةُ: مَنْ ليس له إلَّا كِفَّةٌ واحدةٌ، وهي كِفَّةُ الحسَنَاتِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>