للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٠٣)[المائدة: ١٠٣].

تقدَّمَ عندَ قولِهِ تعالى: ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (١١٩)[النساء: ١١٩]، الكلامُ على البَحِيرَةِ والسَّائِبَة، وأنَّها مِن عملِ الجاهليَّة، ووجوهِ الشَّرْكِ فيها؛ فلْتُنظَرُ.

معنى الوصيلةِ:

وأمَّا الوَصِيلَةُ، فهي الشَّاةُ التي تَلِدُ سبعةَ أَبْطُنٍ، فينظُرُونَ السابعَ؛ فإنْ كان ذَكَرًا أو أُنثى وهو ميِّتٌ، اشترَكَ فيه الرَّجالُ دون النِّساء، وإنْ كان أُنثى استَحْيَوْها، وإنْ كان ذكَرًا وأُنثى في بطنٍ، استحيَوْهُما، وقالوا: وصَلَتْهُ أختُهُ، فحرَّمُوهُ على أنفسِهم؛ رُوِيَ هذا عن ابنِ عبَّاسٍ (١)، ورُوِيَ غيرُه عن ابنِ إسحاقَ وابنِ زيدٍ وغيرِهما (٢)، ولا فرقَ بينَ تلك الأوصافِ؛ لأنَّ النهيَ يَنزِلُ عليها جميعِها، وربَّما اختلَفَتْ صورُ الوَصِيلَةِ؛ لاختِلافِ الناسِ في تعيِينِها؛ فإنَّ الناسَ قبائلُ مختلِفةُ العادات، وما لم يكنْ ثُبُوتُ تحريمِهِ مِن النصَّ الصريحِ بالكتابِ والسُّنَّة، فإنَّ الناسَ يضطرِبونَ في حدِّه ووصفِهِ اضطرابًا كثيرًا، كما في حدِّهم للوَصِيلَةِ والسائبةِ والبَحِيرَة، ومِثلُها الحامِي.


(١) "تفسير ابن أبي حاتم" (٤/ ١٢٢٢).
(٢) ينظر: "تفسير ابن أبي حاتم" (٤/ ١٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>