للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاء عن عمرَ بنِ الخطَّابِ (١)، وابنِ مسعودٍ (٢) وابن عبَّاسٍ: أنَّه للمطلَّقةِ المبتوتةِ حاملًا وغيرَ حاملٍ السُّكْنَى والنفقةُ.

ومِن العلماءِ: مَن لم يَجعَلْ للمبتوتةِ سُكْنَى ولا نفقةً إلَّا إنْ كانتْ حاملًا؛ لأنَّ اللَّهَ خصَّها بالذِّكْرِ فيما يأتي، وخَصُوصِيَّةُ الذِّكْرِ دليلٌ على الاستثناءِ.

وقولُه تعالى: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾: جعَلَ اللَّهُ نهايةَ العِدَّةِ نهايةَ أجَلِ الإمهالِ المتعلِّقِ بالرَّجْعةِ وحقِّ الزوجةِ الرَّجْعيَّةِ في النفقةِ والسُّكنى، وقد أمَرَ اللَّهُ مَن رَغِبَ في الرَّجْعةِ أن يَرجِعَ زوجتَهُ بمعروفٍ، وإنْ رَغِبَ في الفِراقِ أنْ يُفارِقَها بمعروفٍ بلا أذيَّةٍ ولا سُوءٍ.

الإشهادُ على إرجاعِ المطلَّقةِ:

وأمَر اللَّهُ بالإشهادِ على ذلك لمعرِفةِ انقضاءِ الأجَلِ؛ حتى تتزوَّجَ المرأةُ زوجًا غيرَهُ إن شاءتْ، وإنْ رَغِبَ في إرجاعِها في العِدَّةِ، أشهَدَ على ذلك؛ لظاهِرِ الآيةِ، ولا خلافَ عندَ العلماءِ في مشروعيَّةِ الإشهادِ؛ وإنَّما خلافُهم في وجوبِه.

واختلَفُوا في إيجابِ القولِ بالرَّجْعةِ، وهل تصحُّ بالفعلِ وحدَه؛ كمَن يُقبِّلُ زوجتَهُ ويُباشِرُها يُريدُ رَجْعَتَها بذلك، أو لا بدَّ مِن القولِ؟ :

فمَن قال بوجوبِ الإشهادِ، فلازمُ قولِه: أنَّ الرَّجْعةَ لا تصحُّ إلَّا بالقولِ، فقد اختلَفُوا في وجوبِ الإشهادِ على قولَيْنِ، هما قولانِ في مذهبِ أحمدَ والشافعيِّ:

قال جماعةٌ مِن العلماءِ بالوجوبِ؛ وذلك لظاهرِ الأمرِ في الآيةِ،


(١) "صحيح مسلم" (١٤٨٠/ ٤٦).
(٢) ينظر: "سنن سعيد ين منصور" (١٣٦١)، و"مصنف ابن أبي شيبة" (١٨٦٥٤)، و"سنن الترمذي" (١١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>