للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دوامُ النصابِ في الحولِ كلِّهِ:

ويُشترَطُ دوامُ بلوغِ النصابِ في الحَوْلِ كُلِّهِ عندَ جماهيرِ العلماءِ، خلافًا لأبي حنيفةَ؛ فقد جعَلَ نقصانَ النصابِ في أثناءِ الحولِ لا يُسقِطُ الزكاةَ، بشرطِ بلوغِ النصابِ في طَرَفَي الحولِ أوَّلِه وآخِرِه.

والصحيحُ أنَّ نقصانَ النصابِ يُسقِطُ الحولَ؛ لعموم الحديثِ، وإيجابُ الزكاةِ لتمامِ النصابِ فىِ طرَفَي الحَوْلِ لا ضابطَ له يتحقَّقُ فيه العدلُ وعدمُ الإضرارِ، فيستوي في هذا مَن فقَدَ مالَهُ كلَّه وخَسِرَهُ، ثُمَّ استأنَفَ تجارةً أو كسبًا، فبلَغَ نصابًا قبلَ بلوغِ الحولِ، فمالُهُ الذي يُزَكِّيهِ ليس هو المالَ الذي بدَأَ حولُهُ، بل هو مالٌ جديدٌ؛ لهلاكِ مالِهِ الأوَّلِ، وقولُ أبي حنيفةَ بستوي فيه مَن نقَصَ نصابُهُ دِرْهَمًا ومَن ذهَبَ مالُهُ كلُّه، ثمَّ استفادَ غيرَهُ.

وقولُه تعالى: ﴿أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾، فيه: أنَّ المالَ الحرامَ لا زكاةَ فيه ما لم يُتَبْ منه؛ فاللهُ طيِّبٌ لا يَقبَلُ إلَّا طيِّبًا - كما في الحديثِ (١) - فإِنْ تابَ صاحِبُهُ كمَنْ يتوبُ مِن الرِّبا بعدَ قَبْضِهِ، فيُزَكِّيهِ؛ لأنَّ التوبةَ الصادِقةَ ترفَعُ عنِ المالِ خَبَثَهُ.

وقولُهُ تعالى: ﴿وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾، فيه: إخراجُ الزكاةِ مِن كلِّ ما يخرُجُ مِن الأرضِ مِن الثِّمارِ والزُّروعِ بشروطِها الثابتةِ في السُّنَّةِ.

زكاةُ الخَضْراواتِ:

والخَضْرَاوَات والفاكِهةُ لا زكاةَ فيها على الصحيحِ، وليس فيها حديثٌ صحيحٌ يأمُرُ بذلك، ولا يمنعُهُ، وأمَّا ما روى التِّرْمِذِيُّ مِن حديثِ معاذٍ: (ليس في الخَضْرَاوَاتِ زَكَاةٌ) (٢)، فلا يثبُتُ؛ أعلَّهُ التِّرمِذيُّ وغيرُهُ؛ وقال: "لا يثبُتُ في هذا البابِ شيءٌ" (٣).


(١) أخرجه مسلم (١٠١٥) (٢/ ٧٠٣).
(٢) أخرجه الترمذي (٦٣٨) (٣/ ٢١).
(٣) "سنن الترمذي" (٣/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>