للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القتلِ عليها لِمَن يُكِرِهُهُ عدوٌّ كافرٌ على تركِها، ولا تَسقُطُ بذلكَ كلِّه؛ لهذا وجبَتْ على الخائفِ الطَّرِيدِ ولو راكبًا أو راكضًا أن يُومِئَ إيماءً.

ولا تسقُطُ الصلاةُ عن العاقلِ؛ كلٌّ بحَسَبِهِ، ولو كان الرجلُ مشلولَ الأطرافِ؛ فاللهُ لو أسقَطَها لِعَجْزِ بدَنٍ، لَأَسْقَطَها عنِ المجاهِدِ الهارِبِ يَلحقُهُ العدوُّ، وهو على قدَمَيْهِ يخافُ مِنَ العدوِّ أن يلحقَهُ فيَقتُلَه، فلم تسقُطْ عنه بمِثلِ هذه الحالِ، وقد قال اللهُ على لسانِ عيسى: ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾ [مريم: ٣١]، فالزكاة تجبُ في المال، والصلاةُ على البدنِ، ولو كان المكلَّفُ غيرَ كاملِ القدرة، فأوجَبَ اللهُ الزكاةَ على المال، وحياةُ المالِ نِصابُه، وأوجَبَ الصلاةَ على البدَن، وحياتُهُ روحُهُ وإدراكُهُ.

صلاةُ العاجِزِ عن القعودِ والقيامِ:

وقد اختلَفَ العلماءُ فيمَن عجَزَ عنِ القعودِ؛ أيصلِّي مضطَجِعًا على جنبِه أم مُستلقِيًا على ظهرِه؟ على أقوالٍ:

ذهَبَ الشافعيُّ وأحمدُ: إلى تقديمِ الاضطِجاع على الجنبِ على الاستلقاء، ورُوِيَ في هذا حديثٌ مرفوعٌ عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ؛ أَخرَجَهُ الدارقطنيُّ (١)، وهو منكَرٌ لا يصِحُّ.

وذهَبَ أهلُ الرأيِ وبعضُ الشافعيَّةِ: إلى نقديمِ الاستلقاءِ على الاضطجاعِ؛ فيَستلقي العاجزُ عنِ القعودِ على ظهرِه، ويستقبِلُ بقدمَيْهِ القِبْلةَ، وإن عجَزَ عن الاستلقاءِ صلَّى على جنبِهِ مستقبِلًا يوجهِه القِبْلةَ، ورُوِيَ عنِ ابنِ عمرَ صلاةُ المريضِ مستلقيًا؛ رواهُ عبدُ الرزَّاقِ (٢).

وذهَب مالكٌ: إلى التخييرِ بينَ الصلاةِ على جنبٍ والصلاةِ مستلقيًا.


(١) أخرجه الدارقطني في "سننه" (١٧٠٦) (٢/ ٣٧٧).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٤١٣٠) (٢/ ٤٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>