للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيُصِيبُوا مِن دُنياهم وَيأمَنُوا بقُرْبِهم؛ كما كان يفعلُ المنافِقونَ بقُربِهم مِنَ النبيِّ ؛ كعبدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ وغيرِه.

والواجبُ في البطانةِ الأولى: عدمُ التقريبِ والاصطفاءِ.

والواجبُ في البطانةِ الثانيةِ: توقِّيها عندَ الابتلاءِ بها؛ لأنَّها قدَرٌ، كما يَتوقَّى الإنسانُ البلاءَ؛ مِن مرضٍ وخوفٍ، وهمٍّ، وحرٍّ وبردٍ.

ويجوزُ في البطانتَيْنِ العَطِيَّةُ والهديَّةُ كفايةً للشرِّ، وأَمْنًا مِن المَكْر، وتأليفًا للقلبِ؛ لِيَقْرُبُوا مِن الحقِّ، ويَبتعِدُوا عن الباطلِ.

ولايةُ الكافِرِ:

وفي قولهِ تعالى: ﴿لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾ دليلٌ بالأَولى على عدمِ جوازِ توليةِ الكافرِ ولايةً على المسلِمِينَ، فإنْ كان اللهُ قد نَهَى عنِ اتِّخاذِهِ بِطَانةً للمؤمن، وخاصةً صاحِبَ الولاية، فكونُ الكافرِ يُجعَلُ بنفسِهِ صاحبَ ولايةٍ أَوْلى بالنَّهْيِ؛ لأنَّه ما نُهِيَ عن البطانةِ إلا خوفًا مِن تقريبِ صاحبِ الولايةِ واصطفائِهِ له، فيُبدِي رأيَ سَوْءٍ فيَخُونُ، أو يَقتدِي به مَن يراهُ فيَتشبَّهُ به؛ وهذا في صاحبِ الولايةِ أصلٌ، والكافرُ لا يكونُ واليًا على مؤمنٍ إلا مُكْرَهًا.

وقولُه تعالى: ﴿مِنْ دُونِكُمْ﴾؛ يعني: مِن دونِ المؤمِنينَ، فتتَّخِذُونَ بطانةً منافقةً أو كافرةً مِن دونِ أهلِ الإيمانِ أهلِ ملَّتِكم.

مجالسةُ الكافِرِ والمنافِقِ:

وفي الآيةِ: دليلٌ على جوازِ مجالسةِ الكافرِ والمنافقِ؛ لِقَصْرِ النهيِ في الآيةِ على اتِّخاذِهم بطانةً، وهو تقريبُهم، أمَّا معاملتُهم ومجالستُهم العارضةُ؛ لتعليمِهم وتوجيهِهم، وتأليفِهم وتأمينِهم؛ للأمنِ مِن مَكْرِهم، فقد كان النبيُّ يُجالِسُ الصادقَ والمنافقَ، والصالحَ والفاسقَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>