للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: ﴿فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (٩٧)[آل عمران: ٩٧].

ذكَرَ اللهُ أولَ بيتٍ وُضِع للناسِ وهو الذي بمكةَ، ثم عرفَ به بأنه مَقَامُ إبراهيمَ؛ أيِ: الذي أقامَ فيه الشعائرَ والنسكَ، وهو شاملٌ لكل البيتِ، وكان غيرُ واحدٍ مِن السلفِ يسمِّي كل المشاعرِ؛ الكعبةَ والصفا والمروةَ ومِنًى ومُزْدَلِفَةَ وعرفةَ ورميَ الجمارِ: مقامَ إبراهيمَ؛ لأنَّه أقامَ فيها شعائرَ الدينِ.

وبهذا قال ابنُ عباس وسعيد بنُ جبير وعطاء ومجاهد (١).

المرادُ بمقامِ إبراهيمَ:

ومقام إبراهيمَ في كلامِ السلفِ يُرادُ له معنيان:

الأولُ: المعنى الخاص، وهو الذي فيه الآيةُ البيِّنةُ، وهو المقام الذي كان يقفُ عليه إبراهيمُ لبناءِ البيتِ، وتناوِلهُ ابنه إسماعيلُ الحَجَرَ، وقد كان قريبا مِن حائطِ الكعبةِ؛ لمقتضَى البناءِ والإعانةِ عليه، ثمَّ نقَلَه عمرُ بن الخطاب كما صحّ عنه وحكَاهُ عطاء ومجاهد وغيرُهما، وذكَرَ غيرُ واحدٍ ذلك إجماعًا أن عمرَ هو مَن حركَ مكانَ المقامِ.

تحريك مقامِ إبراهيمَ:

روى البيهقي، عن هشامِ بنِ عروةَ، عن أبيهِ، عن عائشةَ أن المقامَ كان زمانَ رسولِ اللهِ وزمانَ أبي بكرٍ مُلتصقًا بالبيتِ، ثم أخَّرَه عمرُ بنُ الخظابِ (٢).


(١) "تفسير الطبري" (٢/ ٥٢٥)، و"تفسير ابن أبي هاشم" (١/ ٢٢٦).
(٢) "دلائل النبوة" للبيهقي (٢/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>