للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ جرَفَه السيلُ وابتعَدَ عن مكانِه، فأعَادهُ عمرُ.

ولم يُخالِف عمرَ على تحريكِه أحد مِن الصحابة، وعمرُ هو الذي أنزَلَ اللهُ الصلاةَ خلفَ المقامِ بعدَ تعريضه بذلك للنبي ؛ فنزَلَ القرآنُ موافقا لقوله.

والصلاةُ المقصودةُ بالاتِّخاذِ في قولِه تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥]؛ أي: هي الصلاةُ عندَ موضعِهِ الأصلي، وليس موضعَهُ الذي يُنقَلُ إليه، فالعِبرةُ بالمقامِ لا بالحجارة، وهكذا الكَعبةُ لو قُدِّرَ أنها حُرِّكَت من مكانِها أو هُدِمَت ونقِلَت حجارتُها، وجَبتِ الصلاةُ إلى مكانِها, لا إلى الحجارةِ المنقولة، بل مَن صلى إلى حجارة الكعبةِ المنقولةِ في جهةٍ إلى غيرِ موضعِ الكعبة الذي بناهَا عليه إبراهيم، بطَلَت صلاتُهُ بلا خلاف، فما زالَ الناسُ قبلَ الإِسلامِ وبعدَه يَستعمِلونَ حجارةً جديدةً، ويُزِيلُون ما تفتَّتَ وتكسَّرَ مِن حجارةِ الكعبةِ.

وعَلِمتُ قبلَ سنواتٍ يسيرةٍ أن حجارةً من الكعبةِ تكسرت فغُيِّرَت وأبدِلَت بأجودَ منها، ورُمِيت في البحرِ؛ حتى لا يعرَفَ موضعُها فتُقصَدَ بذاتِها مِن دونِ اللهِ بالطوافِ والتبركِ.

الثاني: المعنى العام، وهو الحج كله صلاة وطوافًا حولَ الكعبةِ وبينَ الصفَا والمروة، والوقوف بعرفةَ، والمبيتَ بمزدلفةَ ومنى، ورميَ الجِمَار، ويدخُل في هذا ما يَلحَقُه مِن أحكام، كحرمةِ البيت، ومحظوراتِ النسك، وأفعالِ الحج والعمرةِ وأقوالِه وترُوكه.

وقد جعَلَ الله في البيتِ الحرامِ آياتٍ بيِّناتٍ، أولها مقام إبراهيمَ، وهي مشاعر النسكِ ومواضعُه، ثم تحريمُ البيتِ الحرامِ وتعظيمُه، والأمانُ لأهلِه وللَّائِذِ فيه.

وذكَرَ الله مقامَ إبراهيمَ في سورةِ البقرةِ: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>