للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرَاضٍ فتَحرُمُ، ولكنَّ سياقَ الآيةِ في بيانِ تحريمِ أخذِ مالِ الناسِ بالباطل، والأصلُ في النفوسِ المؤمنةِ: أنَّها لا تَرْضَى بالباطلِ والحرام، فجاء سياقُ الآيةِ على ذلك.

وجاء في سببِ نزولِ هذه الآيةِ والمقصودِ منها آثارٌ عن غيرِ واحدٍ مِن السلفِ؛ مِن ذلك ما جاء عن عِكْرِمةَ، عن ابنِ عبَّاسٍ؛ في الرجُلِ يشتري مِن الرجُلِ الثوبَ، فيقولُ: إنْ رَضِيتَهُ أخَذْتَه، وإلا رَدَدتَّهُ ورَدَدتَّ معه دِرْهَمًا، قال: هو الذي قال اللَّهُ: ﴿لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾.

أخرَجَه ابنُ جريرٍ (١).

وروى أيضًا عن يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عن عِكْرِمةَ والحسنِ البصريِّ، قالا في قولِه ﴿لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ الآيةَ: فكان الرجُلُ يتحرَّجُ أنْ يأكُلَ عندَ أحدٍ مِن الناسِ بعدَما نزَلَتْ هذه الآيةُ، فنُسِخَ ذلك بالآيةِ التي في" سورةِ النورِ"؛ فقال: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ [النور: ٦١] (٢).

أخذُ المالِ بسفِ الحياءِ:

وفي قولِهِ تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ دليلٌ على عدمِ جواز أخذِ المالِ مِن غيرِ طِيبِ نَفْسٍ؛ كأخذِهِ بسَيْفِ الحياءِ أو الترهيب، وهذا إكراهٌ، والإكراهُ على نوعَيْنِ:

ظاهرٌ: وهو الغَصْبُ والسَّلْبُ والنَّهْبُ.

وباطنٌ: وهو أخذُهُ بسَيْفِ الحياء، أو لضَعْفِ البائعِ وقُوَّةِ


(١) "تفسير الطبري" (٦/ ٦٢٧).
(٢) "تفسير الطبري" (٦/ ٦٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>