للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعِبادَتِهِمْ وما يَستحِلُّونَهُ في دِينِهم، فلا يُؤاخَذونَ بذلك.

والطعنُ في الدِّينِ الذي يَنقُضُ عهدَهم العامَّ: ما بدَرَ مِن أميرِهم أو مَن يَنُوبُ عه ويمثِّلُهُ، أوأنْ يكونَ ذلك مِن عامَّتِهم لكنْ يُبرِزونَ قولَهُ ويُظهِرونَهُ ويَحْمُونَهُ ويَسْكُتونَ عنه مؤيِّدينَ له، وأمَّا انتقاضُ العهدِ الخاصّ، فيَنتقِضُ عهدُ الواحدِ منهم مِن عامَّتِهم لو خالَفَ عهدَ جماعتِه، فطَعَنَ في الدِّين، فيُؤخَذُ بنَفْسِه، ولا تَتحمَّلُ جَماعتُهُ نَقْضَه، فيَنتقِضُ عهدُ الخاصِّ لا عهدُ العامّ، ما لم يَظهَرْ تَواطُؤُهُمْ معَهُ وتأييدُهُمْ وحمايتُهُمْ له.

إعلان الطَّعْنِ في الدِّينِ وإسرارُهُ:

قولُه تعالى: ﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ﴾ ظاهرُ الآيةِ: دالٌّ على أنَّ المُؤاخَذةَ للمُعاهَدِ تكونُ في حالِ طعنِهِ في الدِّينِ عَلانيَةً؛ وذلك أنَّ الكفارَ يُعلَمُ مِن حالِهم غالبًا الطعنُ في الدِّينِ سِرًّا في مَجالِسِهم ونَوادِيهم الخاصَّةِ لا العامَّة، ولم يَكُنْ كفارُ قريشٍ يَحمَدونَ رسولَ اللهِ في أنفُسِهِمْ ولا في مَجالسِهِمْ، والنبيُّ وأصحابُهُ يَعلَمونَ ذلك عدَ توقيعِ الصُّلْحِ معَهم في الحُدَيْبِيَةِ وغيرِها، وقد أشارَ اللهُ إلى العلانيَةِ بتَسْميتِهِمْ: ﴿أَئِمَّةَ الْكُفْرِ﴾؛ فهم كفارٌ في أصلِهم، فتَحوَّلُوا إلى أئمةٍ فيه؛ لأنَّ المُعلِنَ للشرِّ إمام فيه، وعقودُ المُسلِمينَ معَهُمْ تَستلزِمُ السكوتَ عن اللهِ ودِينِهِ وكتابِهِ ونبيِّه.

والذِّمِّيُّ الذي يَطعُنُ في رسولِ اللهِ يُقتَلُ على الصحيحِ في قولِ أكثرِ العلماءِ؛ خلافًا لأبي حَنِيفةَ؛ فهو يَرى أنه لا يَنتقِضُ عهدُهُ بذلك؛ وإنَّما يُستَتابُ ويُعاقَبُ بما يراهُ الإمامُ؛ لأنَّه تمَّ عهدُهُ وهو كافرٌ به، وما هو عليه عندَ العقدِ هو ما هو عليه بعدَه.

ولكنَّ المُؤاخَذةَ للطاعنِ في النبيِّ على قدرٍ زائدٍ عن مجرَّدِ الكفرِ وحَجْدِ النبوَّة، وهو الطعنُ والسبُّ وإظهارُ ذلك؛ لأنَّ اللهَ تعالى بيَّنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>