للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاء في "الصحيحِ"؛ مِن حديث عبد اللهِ بنِ مغَفَّل؛ أنه قال: "أَصَبتُ جِرَابًا مِن شَحم يَومَ خَيبرَ، قَالَ: فَالْتزَمته، فَقلت: لَا أعطِي اليَومَ أَحَدًا مِن هَذَا شيئا، قالَ: فَالتَفَت، فإِذَا رَسُولُ اللهِ مُتبسِّمًا" (١).

وهذا قول الشافعي ومذهب الحنفيةِ والحنابلةِ وقولُ مالك، ومَنع ممَّا حَرمَ عليهم ابن القاسم، وفرقَ أَشْهَب بينَ ما كان محرما بالتوراة، فهو حرام، وبينَ ما حرمُوه على أنفُسِهم، فهو حلالٌ.

ذبائحُ نصارى العَرَب:

والآية عامة في أهلِ الكتاب، وهم كل يهودي أو نصراني عربي أو أعجمي على الصحيحِ.

واختلِفَ في نصارَى العربِ؛ كبَني تغلب وتَنوخَ وبَهْرَاءَ:

وَذهَبَ جمهورُ العلماء: إلى دخولهم في الآية، لعمومها، والتخصيص يحتاجُ إلى دليل.

وذهَبَ الشافعي: إلى تحريمِ ذبائحِ نصارَى العربِ؛ وهذا مروي عن عمرَ وعلي؛ فإنهما نَهَيَا عن ذبائحِ بَني تَغلبَ، ولعمرَ قولا آخَر خلافًا لذلك، والأثرُ عن عليٍّ صحيح؛ روى عَبِيدَةُ، عن علي؛ قال: "لَا تَأكلُوا ذَبَائحَ نَصَارَى بَني تَغلِب؛ فَإِنهم لَم يَتَمَسَّكُوا بشيءٍ مِنَ النَّصرَانيةِ إِلا بِشرب الخَمرِ" (٢).

وسندُهُ صحيح عنه.

وظاهر كلامِ عليٍّ: أنه لم يُخرِج نصارى العرب إلا لأجلِ إعراضِهم عن دينهم وإن انتسَبُوا إليه حَمِيَّة؛ فهم كبعضِ الزَّنادِقةِ الذين يَنتِسبون


(١) أخرجه مسلم (١٧٧٢) (٣/ ١٣٩٣).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٢٧١٣) (٧/ ١٨٦)، والبيهقي في "السنن الكبرى".
(٩/ ٢٨٤)، والطبري في "تفسيره" (٨/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>