للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الحجرات]

سورةُ الحُجُرَاتِ مدنيَّةٌ؛ وبهذا قال ابنُ عبَّاسٍ وابنُ الزُّبَيْرِ (١)، وقد حَكَى الإجماعَ على ذلك جماعةٌ (٢)، وهذا ظاهرٌ في آياتِها؛ ففيها تعظيمُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ووجوبُ توقيرِهِ واتِّباعِه، والأدبُ معه عندَ سماعِهِ ومناداتِه، ووجوبُ التثبُّتِ عندَ الأخبارِ وحالَ القتالِ الذي يقعُ بينَ المؤمِنِينَ، والتحذيرُ مِن أسبابِ الشِّقَاقِ بينَهم مِن السُّخْرِيَّةِ والتنابُزِ بالألقابِ والغِيبَةِ والتجسُّسِ وسوءِ الظنِّ.

* * *

* قال اللَّهُ تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٢)} [الحجرات: ١ - ٢].

في هذه الآيةِ: تعظيمُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومِن تعظيمِهِ: عدمُ التقدُّمِ بينَ يدَيْهِ ويدَيْ قولِهِ حيًّا وميِّتًا، فإذا سُمِعَ حديثُهُ ولو مِن غيرِه، فينبغي غضُّ الصوتِ وخَفْضُهُ تعظيمًا للوحي؛ كما قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم: ٣ - ٤].


(١) "الدر المنثور" (١٣/ ٥١٦).
(٢) ينظر: "تفسير ابن عطية" (٥/ ١٤٤)، و"زاد المسير" (٤/ ١٤١)، و"تفسير القرطبي" (١٩/ ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>