وروى ابنُ جريرٍ الطبريُّ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ ومجاهدٍ قالا: قامَ بعضُهم إلى بعضٍ بالخَناجِرِ يقتُلُ بعضُهم بعضًا، لا يَحِنُّ رجلٌ على رجلٍ قريبٍ ولا بعيدٍ، حتى أَلْوَى موسى بثوبِهِ، فطرَحُوا ما بأيدِيهم، فتكشَّفَ عن سبعينَ ألفَ قتيلٍ، وإنَّ اللهَ أوْحَى إلى موسَى: أن حَسْبِي، فقدِ اكْتَفَيْتُ! فذلكَ حينَ أَلْوَى بثوبِهِ (١).
إقامةُ الحدودِ بالإمامِ ونُوَّابه:
وهؤلاءِ أقامُوا حَدَّ اللهِ على أنفسِهم بأمرِ اللهِ وبلاغِ موسى، وفي هدا إشارةٌ إلى أنَّ حدودَ اللهِ وأحكامَهُ يجوزُ أنْ يُقِيمَها الناسُ فيما بينَهم عندَ تحقُّقِ العدلِ وانتفاءِ الظلمِ والبغيِ، وذلك بأمرِ الإمامِ ومباشَرةِ صاحِبِ الحَقِّ بنفسِهِ بقتلِ قاتِلِ وليِّهِ بإذنِ الإمامِ، وهو صحيحٌ في قولِ جمهورِ العلماءِ؛ لقولِه تعالى: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ﴾ [الإسراء: ٣٣].