للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "الصحيحِ": قال ابنُ مسعودٍ: "وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا المُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ، لَتَرَكتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، لَضَلَلْتُمْ" (١).

وكثيرٌ مِن فقهاءِ المتأخِّرينَ مِن الحنفيَّةِ والشافعيَّةِ والمالكيَّةِ، يرَوْنَ استحبابَ صلاةِ الجماعةِ في المسجدِ (٢).

ومذهبُهُمْ - وإنْ كان لهم سلفٌ فيه - إلا أنَّه يخالِفُ مذهبَ أئمَّتِهم وظواهرَ الأدلَّةِ، ولبعضِهم كلامٌ في عدمِ إيجابِ الصلاةِ في المسجدِ لمَن يَجِدُ الجماعةَ في غيرِه، ويظُنُّ بعضُ النقَلَةِ له: أنَّه لا يرَى وجوبَ الصلاةِ في الجماعةِ مطلَقًا؛ حيثُ لا يفرِّقونَ بينَ المسألتينِ: بينَ وجوبِ إجابةِ النداءِ في المسجدِ للجماعةِ فيه، وبينَ وجوبِ الجماعةِ بعينِها.

* * *

قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: ٥٤].

كتَبَ اللهُ على بني إسرائيلَ مِن أصحابِ موسى قَتْلَ أنفسِهم؛ عقابًا لهم على اتِّخاذِ العجلِ مِن دونِ اللهِ معبودًا، وهو الظُّلْمُ المقصودُ في الآيةِ: ﴿ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾، والشِّركُ أعظمُ الظلمِ؛ كما في قولِه تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: ١٣].


(١) أخرجه مسلم (٦٥٤) (١/ ٤٥٣).
(٢) ينظر: "اللُّباب، في الجمع بين السُّنَّة والكتاب" (١/ ٢٥٢)، و"العناية، شرح الهداية" (٢/ ٣٢٤)، و"جامع الأمهات" (١/ ١٠٧)، و"مختصر خليل" (١/ ٤٠)، و"روضة الطالبين" (١/ ٣٣٩)، و"نهاية المحتاج" (٢/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>