للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم: مَن جعَلَهما معهما جميعا؛ تُغسلانِ مع الوجهِ عندَ غسلِه، وتمسَحانِ مع الرأسِ عندَ مسحِه؛ وهذا أضعفُ الأقوالِ.

غَسْلُ الرجلَينِ:

وقوله تعالى: ﴿وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾، فيه وجوبُ غَسلِ الرجلَينِ إلى الكعبَين، ويدخُلُ الكعبانِ في الغَسْلِ كما يدخلُ المرفقان مع اليدَين، ولما كانتِ الرجلانِ آخِرَ أعضاءِ الوضوء، وتَعُم البلوى بتلبسهما بالترابِ وقَذَرِ الأرض، ويتساهلُ بهما الناسُ أكثَرَ مِن تساهُلِهم بغيرِهما؛ جاء التشديد في الحديث فيهما، وإلا فالتشديدُ للأعضاءِ جميعا، ولكن النصوصَ تأتي فيما يَتهاونُ الناس فيه غالبا ولو أخَذَ غيرُهُ مِثلَ حُكمِه، وفي "الصحيحَينِ"؛ مِن حديثِ عبد اللهِ بن عمرو (١) وأبي هريرةَ (٢)، مرفوعا؛ أن النبي قال فيمَن ترَكَ لُمْعةً في قدمِهِ: (وَيل لِلأعقابِ مِنَ النارِ)، وقد كان الصحابةُ يَحرِصونَ على غسلِ القَدَم أكثَرَ مِن غيرِها، وصح عن ابنِ عمرَ أنه كان يغسلُ قدميهِ بأكثرِ وضوئه (٣)، وصح عنه أنه يغسلهما سبعًا سبعًا (٤)؛ روى ذلك عنه نافع.

وفي الآيةِ قراءتان؛ الأولى بفتحِ اللامِ في قوله: ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾ عطفا على قوله: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾، وبكسرِ اللامِ عطفًا على قوله، ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾، والأولى للغَسل، والثانية للمَسحِ.

وكان أحمد يعبدُ آخِرَ الآيةِ في حكمِ الرِّجْلَينِ إلى أوَّلها في قولهِ: ﴿فَاغْسِلُوا﴾، ولما سُئِلَ عمن مسَحَ رجلَيه، قال: لا يجزِئُهُ،


(١) أخرجه البخاري (٦٠) (١/ ٢٢)، ومسلم (٢٤١) (١/ ٢١٤).
(٢) أخرجه البخاري (١٦٥) (١/ ٤٤)، ومسلم (٢٤٢) (١/ ٢١٤).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٧٦) (١/ ٢٥).
(٤) أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (٢/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>