قُرُوءٍ﴾: هُنَّ الحُيَّضُ اللَّاتي دخَلَ بهنَّ أزواجُهُنَّ، وإنَّما قدَّمَهُنَّ في بيانِ حُكْمِهِنَّ؛ لأنَّ أكثرَ أحوالِ النساءِ المطلَّقاتِ: المدخولُ بهنَّ؛ يُدْخَلُ بهنَّ، ثُمَّ يطلَّقْنَ وهُنَّ حُيَّضٌ، والمرأةُ لا تخلو مِن أحوالٍ:
إمَّا حائِضٌ، أو غيرُ حائضٍ لصِغَرٍ ويأسٍ وغيرِهِ، أو حاملٌ.
والمرادُ هنا المطلَّقةُ الحائضُ، والمطلَّقةُ الحائِضُ إمَّا أنْ تكونَ: مدخولًا بِها، أو غيرَ مدخولٍ بِها.
والمرادُ في الآيةِ: المطلَّقةُ الحائضُ المدخولُ بها؛ لأنَّ اللهَ قالَ: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ﴾، وهذا الخِطابُ لا يَتَوجَّهُ إلَّا للمدخولِ بِها، فيُظَنُّ منها حَمْلٌ.
وقد بيَّن اللهُ حُكْمَ الحامِلِ في سُورةِ الطلاقِ: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٤].
وبيَّن حُكْمَ الآيسةِ والتي لا تحيضُ لصِغرٍ وغيرِه فيها: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ﴾ الآيةَ [الطلاق: ٤].
وبيَّن اللهُ حُكْمَ غيرِ المدخولِ بها في قولِه في سورةِ الأحزابِ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾ [الأحزاب: ٤٩].
وآيةُ البقرةِ: لا يدخُلُ في حُكْمِها غيرُ المطلَّقةِ الحائضِ المدخولِ بها على الصحيحِ؛ لذِكْرِ اللهِ للطلاقِ والأَقْرَاءِ والحَمْلِ فيها.
معنى القرءِ:
وقولُه تعالى: ﴿ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾:
القَرْءُ في لُغَةِ العَرَبِ يُطلَقُ على الزَّمَنِ؛ سواءٌ كان حَيْضًا أو طُهْرًا، فيُقالُ: أَقْرَأَتِ المَرْأَةُ: إذا دنا حَيْضُها، وأَقْرَأَتْ: إذا دنا طُهْرُها؛ كما يقولُ الشاعرُ: