للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِذَا هَبَّتْ لِقَارِئِهَا الرِّيَاحُ

فهو مِن الأسماءِ المشتَرَكةِ، يقولُ بهذا أهلُ اللُّغَةِ؛ كأبي عُبَيْدٍ، والأصمَعيِّ، وأبي عَمْرِو بنِ العَلاءِ، وحكى الاتفاقَ عليه ابنُ جريرٍ (١)، وإنَّما الخلافُ في نزولِ حُكْمِ اللهِ على أحدِ المعنيَيْنِ؛ زمَنِ الطُّهْرِ أَمْ زمَنِ الحيضِ؟ على قولَيْنِ؛ هما رِوايتانِ عن أحمدَ:

الأوَّلُ: المرادُ به الأطهارُ؛ وهو قولٌ صحَّ عن عائشةَ، وزيدٍ، وابنِ عمرَ، وفقهاءِ المدينةِ، وقال به ربيعةُ ومالكٌ والشافعيُّ وأحمدُ.

الثاني: المرادُ به الحِيَضُ؛ وهو قولُ عمرَ، وعليٍّ، وابنِ مسعودٍ، وابنِ عبَّاسٍ، وعِكْرِمةَ، ومجاهِدٍ، وقَتادةَ، وهو قولُ أبي حَنِيفةَ وأهلِ الرأيِ، وجماهيرِ الحنابلةِ.

وصحَّ عن عمرِو بنِ دينارٍ قولُهُ: "الأَقْرَاءُ: الحِيَضُ؛ عن أصحابِ النبيِّ " (٢).

ورواهُ الأسوَدُ وعَلْقمةُ، عن عمرَ وابنِ مسعودٍ؛ وهو صحيحٌ عنهما (٣).

ورواهُ ابنُ المُسَيَّبِ، عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ؛ وهو صحيحٌ عنه (٤).

ورواهُ زيدُ بنُ رُفَيْعٍ، عن أبي عُبَيْدةَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، عن أبيه وعُثْمانَ (٥)، وزيدٌ ليس بالقويِّ، ولم يَسمعْ أبو عُبَيْدةَ مِن عُثْمانَ.

وهذا مِن مواضعِ النزاعِ القويِّ؛ لِقِدَمِ الخلافِ، وجلالةِ المخالِفِينَ، واحتمالِ اللُّغةِ والوضعِ للمعنيَينِ جميعًا.

والنَّفْسُ تميلُ إلى الأوَّلِ؛ لأنَّ عليه قولَ أهلِ الصَّدْرِ الأوَّلِ مِن أهلِ


(١) "تفسير الطبري" (٤/ ١٠٣).
(٢) "تفسير الطبري" (٤/ ٨٩).
(٣) "تفسير الطبري" (٤/ ٩١).
(٤) "تفسير الطبري" (٤/ ٩٣).
(٥) "تفسير الطبري" (٤/ ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>