للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي ذِكْرِ هذا المعنى في سياقِ قصةِ كشفِ عورةِ آدمَ وحوَّاءَ: إشارةٌ إلى مشروعيَّةِ الاستِتارِ عن الجانّ، وإنْ كانتِ المشروعيَّةُ عن أعيُنِ بني آدَمَ آكَدَ وأشَدَّ؛ ولذا رُوِيَ في الحديثِ مشروعيَّةً التسميةِ عندَ كشفِ الإنسانِ لعَوْرَتِه؛ حتى يَمنَعَ اللهُ بها الجِنَّ عن رُؤْيَتِهِ؛ كما في الترمذيِّ؛ مِن حديثِ عليٍّ مرفوعًا: (سَتْرُ مَا بَيْنَ أَعْيُنِ الجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُهُمُ الخَلَاء أَنْ يَقُولَ: بِاسْمِ اللهِ) (١).

الخامسُ: الاستِتارُ للنَّفْسِ والحِفاظُ على فِطْرتِها! فإنَّ كشفَ السَّوْءَةِ في حالِ الخَلوة، والدوامَ على ذلك: يَكسِرُ فِطْرةَ الحياءِ والاستِتار، ولو كان الواحدُ أعمَى لا يَرَى نفسَهُ وليس عندَهُ مَن يَراه، فالهَيْبةُ لحياءِ النفسِ وهي تُحِسُّ بالتعرِّي وهيبتِهِ ولو كانتْ في ظلامٍ أو لا تُبصِرُ.

عورةُ الرجلِ:

وعَوْرة الرجُلِ تختلِفُ عن عورةِ المرأة، وأمَّا عورةُ المرأة، فيأتي الكلامُ عليها في سورةِ النورِ والأحزاب، وأمَّا عورةُ الرَّجُل، فاتَّفَقَ العلماءُ على أنَّ السَّوْءَتَيْنِ وما أحاطَ بهما عورةٌ، واختُلِفَ في فَخِذِ الرجُلِ على قولَيْنِ:

الأوَّلُ - وهو قولُ حمهورِ العلماءِ وقولة الأئمَّةِ الأربعةِ في المشهورِ - أنَّ الفَخِذَ عورةٌ، وأنَّ عورةَ الرجُلِ مِن سُرَّتِهِ إلى رُكْبَتِه، واختلَفُوا في عينِ الرُّكْبةِ والسُّرَّةِ: هل هما عورةٌ أو لا؟ على قولَيْنِ كما يأتي.

الثاني: أنَّ الفخذَ ليستْ بعورةٍ؛ وهو روايةٌ عن أحمدَ، وذهَبَ إلى هذا بعضُ الفقَهاءِ مِن بعضِ المذاهب، واستدَلُّوا بأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كشَفَ


(١) أخرجه الترمذي (٦٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>