للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [الشورى: ٣٨].

الحكمةُ مِنِ اتخاذِ النقباءِ والرؤساءِ:

وإنما كان اتخاذ الرؤوسِ مِن الناسِ؛ لجملةٍ مِن المصالح العظيمةِ؛ ومنها:

الأولُ: لإشباعِ طمعِ النفوسِ في السِّيادة، وإغلاقِ مَدْخَلِ الشيطانِ عليهم: أنَّهم أخِذوا مُغالَبة وإكراهًا، فيقومونَ مُكرَهينَ، وربما تحيَّنُوا الفرصةَ للتمرُّدِ والعِصْيانِ.

الثاني: أن رؤوسَ القومِ يُؤثرون على أَتباعِهم، والقوم يؤثرونَ على جِنْسِهم عِرقا ونَسَبًا ووطنا ودينا، أكثَرَ مِن تأثيرِ الأجنبيِّ عليهمِ؛ لهذا أسلَمَ مِن المُشرِكين كثير، ومِن النصارى عدد غيرُ قليل، ولم تتأثر يهودُ بأحد أَسلَمَ كما تأثرت بسَلمانَ الفارسي؛ لأنه كان وَسطَهم، وإن لم يتدين بدينهم كما تدينوا، ولمَّا كان تأثير الرجُلِ على قومِهِ أكثَرَ مِنٍ البعيدِ؛ قال : (لَو آمنَ بِي عَشرَة مِنْ أحبَارِ الْيَهُود، لَآمَنَ بِي كُل يهودِيٍّ عَلَى وَجْهِ الأَرضِ) (١).

واتخاذ العرفاءِ والنقباءِ متأكد في الإسلامِ على الحاكم، ويكونُ واجبًا عندَ اشتدادِ الكَرب واتِّخاذِ الأمورِ العِظام، فإن في ذلك جمعا للكلمة، وفي انتفائِهِ فتنة وشِقاق واضطراب وقتل، وما لا يتم الواجب إلا به لهو واجب، وما كان تركُهُ يُفضي إلى حرام، فتركُهُ حرامٌ.

الفرقُ بين أهل الشورى والعُرفاء والنُّقباءِ:

والعرفاء والنقباء نُوَّاب عن سَوَادِ الناس، ولا يَلزَم مِن ذلك أن


(١) أخرجه أحمد (٨٥٥٥) (٢/ ٣٤٦)، واللفظ له، والبخاري (٣٩٤١) (٥/ ٧٠)، ومسلم (٢٧٩٣) (٤/ ٢١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>