وقولُه:{رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}، فيه إشارةٌ إلى أنَّ نجاسةَ الخمرِ في معناها، وهو العملُ، لا في عَيْنِها؛ ولذا قال:{مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}، والله يُطلِقُ الرِّجْسَ على ما خَبُثَ معناهُ وعملُهُ، لا على ما نَجِسَتْ عينُهُ؛ ومِن ذلك قولُهُ تعالى:{كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ}[الأنعام: ١٢٥]، ونحوُهُ قولُهُ:{وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ}[يونس: ١٠٠]، وقولُهُ تعالى:{قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ}[الأعراف: ٧١]، وقولُهُ تعالى:{سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ}[التوبة: ٩٥].
ولم يَدُلَّ دليلٌ على تحريمِ مماسَّةِ الكافرِ والمُنافِقِ مع تسميةِ اللهِ له رِجسًا، وإنَّما أراد أفعالَهُمْ؛ ولذا يقولُ تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ