للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَتَابِعَاتٍ) (١)، وصحَّ التتابُعُ عن ابنِ عبَّاسٍ ومجاهدٍ، وهو قولُ أصحابِ ابنِ مسعودٍ.

وجعَلَ مجاهدٌ كلَّ صومِ في القرآنِ مُتتابعًا إلَّا قضاءَ رمضانَ؛ لأنَّ اللهَ قال فيه: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤] (٢).

واحتُجَّ لهذا القولِ بوجوبِ التتابُعِ في كفَّارةِ القتلِ وكفَّارةِ الظِّهارِ: ﴿فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ [النساء: ٩٢، والمجادلة: ٤].

وذهَبَ إلى عدمِ وجوبِ التتابُعِ: بعضُ السلفِ؛ كعطاءٍ، وهو قولُ مالكٍ والقولُ الآخرُ للشافعيِّ وأحمدَ.

وقد أمَرَ اللهُ بحفظِ الأيْمانِ؛ تعظيمًا للهِ عن أن يكونَ عُرْضةً في كلِّ شيءٍ وحِفْطًا للعهودِ مِن أنْ يتساهَلَ الناسُ في نقضِها؛ فتَهُونَ فيما بينَهم.

* * *

قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: ٩٠].

تقدَّمَ الكلامُ على حُكْمِ الخمرِ والمَيسِير في سورةِ البقرةِ عندَ قولِ اللهِ تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾ الآيةَ [البقرة: ٢١٩]؛ وهذه الآيةُ أولُ آيةٍ صريحةٍ في تحريمِ الخمر، ولا خلافَ أنَّها أصرَحُ مِن آيةِ البقرةِ السابقةِ وآيةِ النِّساءِ: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ [النساء: ٤٣]، ورَوَى ابنُ جريرٍ، عن سَعيدِ بنِ جُبَيْرٍ؛ قال: "لمَّا نزَلَتْ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾، فكَرِهَها قومٌ؛ لقولِهِ: ﴿فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾، وشَرِبَها قومٌ؛


(١) "تفسير الطبري" (٨/ ٦٥٢).
(٢) "تفسير الطبري" (٨/ ٦٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>