للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصحَّ عن وهبِ بن كَيسانَ؛ قال: سمعتُ جابرَ بنَ عبد اللهِ يقولُ: "مَنْ صَلى رَكعَةً لَمْ يَقرَأُ فِيهَا بِأُمِّ القُرْآنِ؛ فَلَمْ يُصَلّ، إِلَّا أَنَّ يَكُونَ وَرَاءَ الإمَامِ"؛ روه مالكٌ والتِّرْمِذيُّ (١).

وجاء ذلك عن ابنِ مسعودٍ وأصحابِه، وأعلَمُ أصحابِ ابنِ مسعودٍ أبو وائلٍ شقيقُ بن سَلَمةَ -كما قاله أبو عبيدةَ بن عبد اللهِ بنِ مسعودٍ - يُفتِي بعدمِ القراءةِ خلفَ الإمامِ.

القراءةُ خلفَ الإمامِ عند التابعين:

وقد كان كبارُ الفقهاءِ مِن التابعينَ في المدينةِ ومَكَّةَ والكُوفةِ لا يقولونَ بالقراءةِ خلفَ الإمامِ في الجهريَّة، وهم أدْرَى الناسِ بمِثلِ هذه السُّنَن، وهي مِن العِلْمِ المشهودِ المُتتابعِ كلِّ يومٍ، وتغيُّرُ الحالِ واختلافُها يَظهَرُ فيهم أكَثَرَ مِن غيرِهم؛ لأنَّ صلاتَهُمْ بمسجدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ وأئمَّتُهُمْ هم مَن شَهِدُوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وكبارَ أصحابِه، بخلافِ بقيَّةِ البُلدانِ الذين لم تَعمُرْ أكثرُ مساجدِهم إلَّا بعدَ وفاةِ النبيِّ ووفاةِ خُلَفائِه، وقد كان ابنُ المسيَّبِ يُفتِي بالقراءةِ خلفَ الإمام في السِّرِّيَّةِ؛ كما صحَّ عن قتادةَ، عن سعيدِ بنِ المسيَّبِ؛ أنه قال: "يَقْرَأَ الإِمَامُ وَمَن خَلْفَهُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ" (٢).

وبه قال عُرْوةُ وغيرُهُ.

ولم يَثبُتْ عن أحدٍ مِن الخلفاءِ وفقهاءِ الصحابةِ القولُ بالقراءةِ خلفَ الإمامِ في الجهريَّة، ويكونَ قولُهُ صريحًا بذلك، بل الثابتُ عن عمرَ وعليٍّ عَدَمُها، وأمَّا ما جاءَ عن عمرَ بنِ الخطَّابِ في القراءةِ خلفَ الإمامِ


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٨٤)، والترمذي (٣١٣).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٧٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>